صور حب




منتدي صور حب
العودة   منتدي صور حب > اقسام الصور الــعـــامــة > ابحاث علمية - أبحاث علميه جاهزة

إضافة رد
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2021
المشاركات: 18,996
افتراضي جديد الأبحاث العلمية بحث بعنوان الإسلام وعصر النهضة . بحوث اسلامية . بحوث ودراسات





جديد الأبحاث العلمية بحث بعنوان الإسلام وعصر النهضة بحوث اسلامية بحوث ودراسات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدنا ان نعرض لكم كل ما هو جديد في مجال البحث العلمي
كل ماهو جديد في ابحاث علمية 2021 - 2021



بحث .الإسلام . عصر . النهضة . بحوث اسلامية . بحوث ودراسات




عندما نتحدث عن الاسلام علينا اولا تحديد مفهومه الذي يرد في مستويات عديدة. فالاسلام هو بنية عقدية ودين توحيدي يتسم بالشمولية والكمال، مثلما يجسد بنية روحية مثالية. وهو ثانيا تجسيد لتجارب وخبر قامت بها شعوب ومجتمعات ودول وفي مراحل تاريخية وع مختلفة قديمة ووسطى وحديثة، مثلما يرتبط بزمان ومكان جغرافي وبثقافات فرعية لها خصوصية، كالاسلام في العالم العربي وفي ايران والهند وجنوب اسيا وافريقيا وغيرها, ولذلك فعندما نتحدث عن الاسلام علينا تحديد العصر الذي نريد دراسته ومرحلته ومجال البحث فيه وفترته الزمنية وخصوصيته كالاسلام في فترة الخلافة الراشدية، أوعصر التنوير الاسلامي الاول، الذي تمثل بالنهضة العلمية والفلسفية العقلانية والازدهار الحضاري ،في بغداد بة خاصة وفي بلدان الخلافة الاسلامية بة عامة، والاسلام في العصر الحديث.

مشروع النهضة

لقد وضع عصر النهضة الاسلامي الاول اسس مشروع تحديث وتنوير وتطوير اجتماعي واقتصادي وثقافي شامل . فبين القرنين الثالث والسابع الهجري (بين التاسع والثالث عشر الميلادي) حدثت نهضة فكرية واجتماعية وظهرت قوى عقلانية منورة، وبخاصة في المدن الاسلامية الكبرى وبخاصة في العراق وايران ، رافقتها توترات عقلية خصبة ساعدت على تطور وتجديد وازدهار ملحوظ في كثير من عناصر الحضارة المادية والمعنوية. وقد حقق أباء الحداثة نقلة نوعية تنويرية، فتحت افاقا واسعة وجديدة بطرحها اسئلة قلقة في الفكر الاجتماعي والفلسفي النقدي، كان في مقدمتهم الجاحظ والفارابي وابن سينا وابن رشد وابن باجة والتوحيدي وابن مسكوية والحلاج وغيرهم الذين قدموا لنا نصوصا عقلانية نقدية ذات نزعة انسانية وضعت الانسان في مركز الصدارة وفي محور اهتماماتهم، كما تجلت لدى المعتزلة على المستوى الديني، ولدى الفلاسفة على المستوى النظري، ولدى علماء الفلك والفلاحة والبصريات على المستوى العلمي والتجريبي.(1)
وكان للتعدد والتنوع الثقافي وتداخل المعارف والثقافات دور كبير في مسيرة التطور العلمي والفلسفي وفي حركة التأليف والترجمة والنشر ونقل امهات الكتب العلمية والفلسفية من اللغات اليونانية والسريانية والفارسية الى اللغة العربية، وخاصة بعد تأسيس دار الحكمة ببغداد التي انجزت ترجمة امهات الكتب في الطب والفلسفة والفلك وغيرها وشرحها واضافة معلومات علمية اخرى اليها، ساعدت على اخصاب التجارب الانسانية وتعميقها ، وعبرت في ذات الوقت، عن التعدد والتنوع والتمازج الثقافي وحولت الثقافة العربية - الاسلامية آنذاك الى ثقافة عالمية.
وكان العرب والمسلمون يشكلون مرجعية ثقافية لمفكري اوربا حتى عصر النهضة، حيث انعقدت علاقات ثقافية مباشرة، سبقت الحروب الصليبية بين المسلمين والاوربيين. وقد تأثر الاوربيون بمنجزات الحضارة الاسلامية في مختلف فروع المعرفة، خصوصا في الحركة الفلسفية والعلمية التجريبية، التي كانت اول حركة تنويرية، قامت على ايدي المفكرين و الفلاسفة العرب والمسلمين. وكانت حصيلة تلك العلاقات الثقافية نقل كثير من الاعمال الفلسفية والعلمية الى اللغة اللاتينية، خصوصا اعمال الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد، التي تولى نقلها الرهبان المسيحيين، مما ادى الى اغناء الثقافة الاوربية باهم مصادر الثقافة العالمية انذاك بعد نقلها ثانية الى اللغة اللاتينية.(2)
وقد اصبحت الثقافة العربيةـ الاسلامية اكثر حرية وعقلانية ونقدا واتسمت بالانفتاح على الآخر المختلف والمغاير ومستوعبة للثقافات الاخرى، حيث كانت هناك فسحة من الحرية اتاحت للمفكرين والفلاسفة ان يعبروا عن آراءهم وان ينتقدوا اسس الشريعة ورموزها. بحيث تطورت نزعة انسانية نتيجة للانفتاح والتفاعل بين الثقافات والحضارات والاديان.
وقد جسد الفلاسفة والعلماء والمفكرون المسلمون هذه المواقف الانسانية المتفتحة على العلوم الدنيوية العقلانية، فكانوا يجمعون بين علوم القرآن وعلم الكلام والحديث من جهة، ومعرفتهم الواسعة بالفلسفة وبخاصة فلسفة افلاطون وارسطو، اضافة الى معرفتهم بالتراث الايراني والهندي، من جهة اخرى. كما اخذوا يمزجون بين الدين والفلسفة وينفتحون عليهما، فيستشهدون تارة بالقرآن والحديث، وتارة بفلسفة ارسطو وافلاطون، من دون الشعور باي حرج. وكان فهمهم بالدين ومعرفتهم بالفلسفة ليست سطحية، وفي ذات الوقت غير قمعية وتعسفية، لان فهمهم واستيعابهم للعلوم الدينية والدنيوية كان يقوم على نزعة انسانية وكانت مواقفهم عقلانية رشيدة تقدم على احترام كرامة الانسان وثقة كبيرة بالفكر الانساني وامكانياته المتعددة على التطور ولابداع.(3)

النمو الاقتصادي

رافق توسع الدولة العربية الاسلامية وامتدادها الى شرق البحر الابيض المتوسط وشمال افريقيا واواسط اسيا، ازدهار اقتصادي واجتماعي، واندفاع التجار العرب الى توسيع رقعة نشاطهم التجاري، مما ادى الى سيطرتهم على موانئ البحر الابيض المتوسط. وفرض الاسطول العربي ـ الاسلامي سيطرته خلال القرن الثامن الميلادي، على اغلب موانئه، من دون منازع، وقد ساعد الفتح العربي- الاسلامي لاسبانيا عام 711 ووصول العرب الى مشارف الجنوب الفرنسي وتوغلهم في مقاطعات بروفانس، على الاختلاط بتلك الشعوب والاقوام واقامة علاقات تجارية وثقافية جيدة معهم.
كما عقدت معاهدات تجارية مع امراء سالرن ومالفي وحصل تجار بيزا وفلورنسا على امتيازات خاصة شجعت على توسيع العلاقات التجارية بينهما.
وخلال القرن التاسع الميلادي بدأت موانئ الشمال الافريقي تتمتع بازدهار اقتصادي ملحوظ، وخاصة بعد توسع تجارة الذهب وازدياد اهميتها التي بقيت حتى القرن الحادي عشر، اهم الصادرات من الشمال الافريقي الى الموانئ الاوربية.
كما رافق التطور الاقتصادي والتقدم العلمي والفلسفي والاجتماعي نمو طبقة وسطى شكلت الدعامة المادية للنزعة العقلانية التي ازدهرت ايام المأمون، ومن بعده، بسبب ازدهار الحركة التجارية وشبكة الطرق التجارية البرية وبخاصة طريق الحرير وطريق التوابل.(4)
والحال ان النهضة العلمية والفلسفية العربية ـ الاسلامية لم تعان من مواقف دينية متشددة. فالاسلام حث على طلب العلم والمعرفة لانهما يزيدان من ايمان المسلم وتقويته. وان اسباب التدهور والركود لا ترتبط بالهيمنة الدينية، بقدر ما ترتبط بالتغيرات المجتمعية من جهة، والتغيرات البنيوية التي طالت الثقافة العربية الاسلامية ،من جهة أخرى، التي رافقت تفكك الدولة العباسية وانقسامها الى دويلات وقيام الصراعات والحروب فيما بينها التي عملت على تفتيت الخلافة الاسلامية.

اجهاض حركة النهضة

يرى كثير من المفكرين بان محاولة النهوض الاولى التي شهدها العالم العربي الاسلامي في الع الوسطى كانت قد اجهضت ولم تستطع الاستمرار طويلا لانها لم تحظ بدعم من طبقة اجتماعية وسطى متفتحة كطبقة البرجوازية في اوربا التي قامت على اكتافها النهضة والتنوير والتقدم العلمي والتقني. ففي العالم العربي والاسلامي لم تستطع الطبقة التجارية النامية ان تزدهر وتتقدم، وسرعان ضمرت بسبب تحول الخطوط التجارية للعالم القديم.
وكانت أول قطيعة معرفية مع الفكر الاسلامي النقدي بدأت مع مجيئ السلاجقة الى الحكم، الذين قضوا على التعددية الفكرية والعقائدية واسسوا التعليم التقليدي الذي عطل الفكر وافقده حيويته وشجع على نشر الفكر الصوفي والطرق الصوفية الشعبوية التي وقفت ضد الفكر الفلسفي العقلاني النقدي، التي استمرت حتى بداية العصر الحديث.(5)
فمنذ خلافة الواثق ودخول العسكر الرعوي السلجوقي الى قمة المؤسسات العسكرية والادارية تطورت طبقة جديدة من الاقطاعيين والاداريين والعسكرين من المماليك والترك والسلاجقة، قوت الاتجاه البيروقراطي والثيوقراطي ـ الابوي الذي اخذ ينمو بالتدريج، مما دفع الى تدمير بنية الدولة ومرافقها واللعب بمصير الخلافة الاسلامية. وكان المعتصم العباسي استعان بالاتراك ليكونوا آلة حرب بيد الخلافة وفوض السلاجقة بادارة الدولة الى جانب مهامهم العسكرية. وبالتدريج نمت طبقة عسكرية بيروقراطية سيطرت على جميع مفاصل الدولة.وسرعان ما تآمروا على المعتصم فقتلوه وسيطروا على الخلافة وتركوها اسما بدون مسمى. وهو ما ساعد على تزايد وتيرة الانقسامات والثورات وتفتيت وحدة الدولة الاسلامية .
وكان البويهيون قد استولوا على السلطة في بغداد بعد فترة من الاضطرابات العسكرية والادارية، -بحيث لم يعد للوزارة غير الاسم، واخذوا ببسط نفوذهم في كل الامور واتخذ امراؤها لقب الملوك وحولوا الديوان الى نظام بيروقراطي متكامل.
وهكذا بدأ تفكك الدولة الاسلامية باستقلال بعض الاقاليم استقلالا ذاتيا، كما حدث في دول شرق الخلافة الاسلامية والشام ومصر والمغرب وكذلك في الاندلس التي انتهت الى دول طوائف متصارعة .


سقوط بغداد

غير ان سقوط بغداد على يد التتر عام 1258 شكل مرحلة حاسمة في تاريخ العرب المسلمين كنتيجة من نتائج التدهور والتفكك والانحلال الذي ظهر في مفاصل الدولة والمجتمع والحضارة، وفقدان الدولة المركزية لقوتها بعد انقسامها الى دويلات ومماليك.
وكانت الخلافة آنذاك تمر بأسوء فترة في تاريخها السياسي والاجتماعي والثقافي وذلك بسبب تفشي الفساد في دواوين الدولة والرشوة في ادارة البلاد، الى جانب تسلط قواد الجيش من الاتراك على جميع مقاليد الحكم.
ومن الطبيعي ان يرافق تفكك الدولة العربيةـ الاسلامية وتدهور الحركة الفكرية العقلانية ركود الفعاليات الاقتصادية والثقافية وتزايد الصراعات والحروب والفوضى والكوارث مما ادى الى انخفاض تدريجي لقوى ووسائل الانتاج وادواته ودخول العالم العربي والاسلامي عصر الظلام ولم يفق الا على مدافع نابليون وهي تدق شواطىء مصر.





الخطاب الإسلامي وعصر المجتمعاتإبراهيم غرايبة



الإسلام اليوم / تحظى دراسة الجهود والحركات الإسلامية والإصلاحية الحديثة بأهمية كبرى في هذه المرحلة ربما تفوق أي مرحلة سابقة فقد حدثت تحولات وأحداث مهمة تبدت فيها أولويات واحتياجات جديدة غيّرت كثيراً من واجبات الحركات والجهود الإصلاحية، وتظهر الدراسة أيضاً كثيراً من الإنجازات والمكاسب التي تحققت، والتي يجب إدراكها ومراجعة العمل
في مجالها لتوجيه الجهود والموارد نحو ما لم يتحقق بعد، وبالطبع فإن ثمة
تحديات وعيوباً كثيرة رافقت العمل الإصلاحي يجب الالتفات إليها.
لقد خطت الأمة المسلمة منذ مطلع القرن الرابع عشر الهجري خطوات كبرى في مسار النهضة والإصلاح، وتحققت إنجازات مهمة، وهي الأمة المسلمة في أوائل القرن الخامس
عشر تبدو أحسن حالاً بكثير منها قبل مائة سنة، وأمامها بالطبع أعمال أخرى كبيرة يجب إنجازها ومراحل كثيرة يجب تخطيها بسرعة أكبر، وتواجهها مخاطر وتحديات كبيرة تهددها وتضعفها.
وقد بدأ العمل الإصلاحي بمبادرات ومشروعات نهض بها مصلحون ومفكرون مثل محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية، وجمال الدين الأفغاني في مصر والدولة العثمانية، ومحمد عبده ورشيد رضا في مصر، وعبد الرحمن الكواكبي في الشام، ومحمد بلحسن بلحجوي وعلال الفاسي في المغرب، وعبد الحميد بن باديس ومالك بن نبي في الجزائر، والطاهر عاشور في تونس، أو في حركات تحرر من
الاستعمار تمزج بين الصوفية والجهاد مثل السنوسية في ليبيا والمهدية في السودان والمريدين في القفقاس، والنورسية في تركيا.ثم استوعبت هذا التراث الإصلاحي والنهضوي حركات إسلامية
منظمة وشعبية مثل الإخوان المسلمين بقيادة حسن البنا تلميذ رشيد رضا، والجماعة الإسلامية في القارة الهندية، والحركة الإسلامية الشيعية في إيران.وتطور مشهد العمل الإسلامي اليوم إلى خريطة معقدة وشاملة تشمل دولاً قامت على أساس حركات وأفكار إسلامية أو متأثرة بها، وتجارب ومحاولات للحكم والمشاركة السياسية مثل حزب الرفاه في تركيا والجبهة الإسلامية وحركة مجتمع السلم وحركة الإصلاح في الجزائر، والحركة الإسلامية في اليمن والأردن، وحركات مقاومة للاحتلال، وأحزاباً سياسية تشارك في الحكم والحياة السياسية والعامة، ومؤسسات إسلامية كالمنظمات الدولية والإقليمية والجامعات والبنوك والشركات ومنظمات الإغاثة ومراكز الدراسات والصحف والمجلات ومحطات الإذاعة والتلفاز.
وكان من أهم خصائص المشهد الجديد انتقال مسؤولية الجهود الإصلاحية من الرواد أو الحركات المنظمة إلى حالة مجتمعية تنهض بها شبكة من الحكومات والمؤسسات والجماعات والأفراد، ويقتضي هذا التحول إعادة النظر والتفكير في مسارات العمل الإصلاحي لتناسب المشهد الجديد وأولوياته واحتياجاته وتحدياته وفرصه.فالحديث عن الإصلاح إنما هو عن دور الأمة، وهو دور لا تغني عنه أعمال جزء من الأمة كالجماعات والحركات والحكومات والمؤسسات، ولكننا نعني مجموع الأمة التي تشكل فيها المؤسسات والأفراد جزءاً من شبكة العمل والإصلاح والتنمية، فالمطلوب ليس فقط أن تبادر المؤسسات المختلفة إلى العمل والبرامج ولكن المطلوب أن ننقل الأمة المسلمة بمجموعها إلى حالة جديدة من الفاعلية الحضارية والاجتماعية، ومعيار نجاح عمل الجماعات والحكومات والمؤسسات والأفراد هو بمقدار نجاحها في التأثير في الأمة ومساعدتها على النهضة والتغيير، وأن تتكامل أعمال ومواقف جميع الأطراف من أفراد وحكومات ومؤسسات أهلية ومجتمعية بحيث تتحقق شبكة من الإصلاح والعمل النهضوي، ولا تكون هذه الجهود مشتتة متعارضة متباعدة، فقد يكون مجموع الأعمال صفراً أو قيمة سالبة، وقد يكون مساوياً لمجموعها، ولكنه يمكن أن يكون أضعافاً مضاعفة وكأنه حاصل ضرب وليس جمعاً؛ لأن الأعمال والمشروعات يمكن أن تتفاعل وتحقق متوالية كبيرة من الإنتاج، وقد تؤدي- وهذا هو الجانب المخيف- إلى متوالية عكسية سالبة من التناقض والتدمير (وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً(.ولذلك فإن محاولة التفكير والدراسة في هذا المجال يجب أن توضح مطلبين أساسيين:ما الحالة التي نسعى إليها ونريدها؟ وكيف تشبك الأعمال والأدوار تجعل في شبكة تجعلها أكثر فاعلية واقتداراً وتضاعف آثارها الإيجابية ونتائجها الطيبة.
إنه ليس ممكناً ولا هو مطلوب أن تنهض فئة قليلة من الأمة تعمل وحدها، وتتحمل أعباء النهضة والدعوة، في حين يقف المجموع الباقي يراقب وينظر، أو يحارب ويعوق، ولكن المطلوب تأهيل الأمة المسلمة لتحقق شروط النهضة والإصلاح وتكون قادرة على أداء دور الشهود الحضاري المطلوب منها.
وقد حدثت تحولات كبيرة ومهمة أثرت في وجهة الحضارات والمجتمعات وغيّرت من الموارد والعلاقات مثل المعلوماتية والاتصالات وتداعياتها على الدول والمجتمعات والتعليم والعلاقات الدولية والاقتصادية والاجتماعية، وكانت هذه التغيرات على درجة كبيرة من الأهمية والتأثير تستدعي فكراً جديداً ودراسات جديدة للإحاطة
بمتطلباتها وتحدياتها وفرصها وفهم البيئة الجدية المحيطة بالعمل الإصلاحي
والعام ومدخلاته المتغيرة والكثيرة، وقد شغلت مؤسسات ومراكز بحثية كثيرة جداً بفهم وتقدير هذه التحوّلات والظواهر الجديدة كالعولمة على الدول والاقتصاد والقوى العالمية وإستراتيجياتها، ولكني لا أعلم عن دراسات ومؤتمرات لفهم وتقدير اتجاهات وآفاق الدعوة الإسلامية في عصر المعلوماتية والعولمة. هذه التغيرات المهمة والمؤثرة تعيد صياغة المجتمعات والدول على أسس جديدة، وهي تحوّلات تقتضي إعادة تكييف دور الأمة والمؤسسات والأفراد، واختبار الفرص والتحديات الجديدة.إن امتداد العمل الإصلاحي إلى العمل السياسي جعل الحركة الإسلامية الواحدة تشتغل بالمشاركة السياسية والنيابية والعمل النقابي والدعوي والخيري، وهذا أدّى إلى فساد واستبداد واحتكار للعمل العام وصدام مع الحكومات بدلاً من التنسيق وضياع الجهود وتكراراها، وتوظيف للعمل العام لأغراض ومصالح حزبية وشخصية، وأفقد الحركة الإسلامية مصداقيتها ونزاهتها.فالانتشار الإسلامي يجب أن يكون مصحوباً بالامتداد الأفقي للأمة
والمجتمعات بأسرها حتى لا يرهن العمل الإسلامي لصراعات ومصالح ورؤى صغيرة، وأن يتحول العمل من تنظيمات وجماعات إلى أمة ومجتمعات.والحركة الإسلامية مدعوة لمبادرة ذاتية تقوم بها بنفسها قائمة على شبكية العمل الإسلامي وليس هرميته، ومجتمعيّته وليس تنظيميّته، فتجري انسحاباً لمشاركة غيرها وفصلاً تاماً وحقيقياً في القيادة والعمل بين العمل السياسي الحزبي وبين العمل النقابي والخيري والعمل الدعوي، ولا يعقل أن تقع قيادات الحركة الإسلامية فيما يفترض أن تكافح من أجل محاربته من احتكار وسيطرة، فترى القائد قائداً في العمل الخيري والدعوي والسياسي والنيابي.وقادة الحركة الإسلامية بسلوكهم هذا لا يقعون في زلل الاستبداد والاحتكار فقط، ولكنهم أيضاً يجعلون الحركة الإسلامية هدفاً معزولاً يسهل إصابته وتصفيته، ويجعلون مغانمهم الشخصية قضية الأمة أو قضية إسلامية ينتظرون من الناس أن يؤيدوهم بها، ويسهّلون على الحكومات ضرب العمل الإسلامي تحت غطاء محاربة التجاوزات القانونية والسياسية.إن هذا الفصل الإجرائي في التطبيق، والذي يبدأ بالفصل بين المجالات المختلفة للعمل من سياسي ونقابي وخيري ومؤسسي وحكومي يحول ملكية العمل الإسلامي وخبراته وتجاربه إلى المجتمع بأسره أو أكبرقدر ممكن منه، ويقلل من عقلية الاحتكار والوصاية وعدم الثقة بالآخرين، ويحمي الحركة الإسلامية من العزلة، ويجعل الحالة الإسلامية أكثر تجذراً وانتشاراً في المجتمع، وليست مسألة تخص تنظيماً أو جماعة بعينها.فمسؤولية العمل والدعوة والإصلاح منوطة بكل مسلم بل جميع المواطنين حتى غير المسلمين منهم، وليست حكراً على أفراد أو فئة من الناس، ووظيفة الحركة الإسلامية أن تحشد جميع الناس والفئات في مشروعها الإصلاحي وليس منافستهم المغانم والمواقع والفرص، وكلما تراجعت المصالح الذاتية والتنظيمية تزيد المصداقية والقبول.وأدّت التحوّلات الكبيرة في المجتمعات ودور الدولة والنمو الكبير للصحوة الإسلامية إلى أولويات ومجالات جديدة للعمل الإسلامي قد يكون تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة وتقرير التنمية الإنسانية العربية من مؤشرات اتجاهاتها، مثل تحريك الدوافع الثقافية والخبرات المجتمعية في التنمية والنهوض وإعادة تنظيم المجتمعات والمؤسسات باتجاه تحقيق الاحتياجات الأساسية كالعدل والمساواة والأمن والغذاء السليم والدواء والمأوى والتعليم والتعليم المستمر والانتماء والمشاركة بأقل التكاليف الممكنة وبأفضل مستوى، والتعامل الصحيح مع مرحلة الخصخصة وتغير دور الدولة وربما مفهومها، وهذا يجب أن يدفع العمل الإصلاحي إلى أوعية جديدة وأولويات تتفق مع هذه المتغيرات والاحتياجات، وكما كانت الحركات الإصلاحية مرتبطة بمقاومة الاحتلال والتحرر والاستقلال انسجاماً مع أولويات المرحلة فإنها في هذه المرحلة مدعوة إلى بذل الجهد والاهتمام بالتنمية الإنسانية والاحتياجات الأساسية، وبخاصة أنها أعمال وبرامج وأولويات تتفق مع خبراتها وإمكاناتها






برمجيــــــــات النهضــــة
ويمكن التمييز بين فترة (الأنوار) وعصر (النهضة) من خلال سيادة عنصر أساسي يتمثل بسعي النخب لجعل ما تؤمن به من أفكار ورؤى واقعاً حياً متحركاً بدلاً عن ما كان سائداً في عصر (الأنوار) من الاكتفاء بالنقد والتبشير، علماً أن هناك تكراراً للمصطلحات التي استخدمت في وصف (النهضة) الغربية. حيث اعتبرت مرحلة (الأنوار) هي المرحلة التي ساد فيها النقد للواقع ثم أعقبتها مرحلة النهضة ممثلة بالثورات والكشوفات العلمية وظهور الدول القومية وهذه المصطلحات ليست صادقة بالضرورة في وصف الواقع الإسلامي ولكننا نستخدمها جرياً مع ما هو متداول.

مع بداية عصر النهضة الذي يؤرخ له بدخول نابليون إلى مصر وشروع عمليات زرع معالم الحضارة الغربية تبدأ مسيرة جديدة تسعى فيها المجتمعات الإسلامية بالانفصال عن مرجعياتها الثقافية وهذا يعني بدء المرحلة التطبيقية التي حملت معها وعياً جديداً وهو نقد (النهضة) بالإضافة إلى نقد الواقع وبداية نشوء تيارات نهضوية متعددة تتصارع لإنضاج الطرح وإيصال النهضة إلى حالة من التحقق والإنجاز حتى لو اكتست بطابع صراعي عنيف.

وهنا لابد من تسجيل ملاحظة وهي أن المجتمعات تسير من حالة الوحدة التي كانت قائمة في ظل سيادة ثقافة التراث إلى حالة من التنوع والتعدد في الثقافة ثم إن هذه الصراعات التي استمرت ما يزيد على القرن من الزمان صارت تتقدم تدريجياً نحو التراث الذي حاولت مغادرته حتى يأتي أكثر الاتجاهات قرباً من التراث ألا وهو اتجاه الصحوة الإسلامية.

انبثاق الصحوة واتجاهاتها..

وللمتتبع أن يستنتج سير المجتمعات الإسلامية في دورة كاملة انطلقت من التراث ثم العودة إليه بة قوية في النصف الأخير من القرن العشرين وهذه العودة ليست اعتباطية إنما جاءت وليدة التجارب التي مارستها تيارات النهوض بحيث صار كل تيار وهو يخلي مكانه للتيار الذي يليه في قيادة مسيرة النهضة يؤشر على ضرورة حضور معين للتراث حتى جاء الاتجاه الأكثر دعوة للالتحام بالتراث وهو اتجاه الصحوة الإسلامية.

وهنا أيضاً يمكن استنتاج كون حركة النهضة حركة واحدة من حيث الجوهر حتى لو جاءت من خلال تنوع أيديولوجي وتناقض فكري وصراعات سياسية، ذلك أنها ليست إلا نزوعاً نخبوياً وجماهيرياً وتطلّعاً لمغادرة التخلف والضعف وبناء المجتمع الناهض القوي والمعاصر.

وقد أكد الأستاذ وجيه كوثراني هذا المعنى في دراسة له نشرتها مجلة المستقبل العربي بعنوان (أزمنة النهضة الثلاث) ناظراً فيها إلى الصحوة على أنها الطور الأخير في محاولات النهوض، وهي قراءة صحيحة للواقع تعني الإقرار بحركة الواقع نحو الحالة الأكمل على ضوء الدروس والتجارب..

ووفق هذه القراءة فالصحوة ليست سوى امتداد لفكر النهضة حتى لو بدت في بعض جوانبها نقضاً لبعض اتجاهاتها الأيدلوجية، وإن النقد السلبي للصحوة ووصفها بالظلامية أو أية أوصاف أخرى فإنه يعبر عن الصراع الداخلي بين التيارات وما يتسم به من اللاموضوعية والمبالغة.

ويأتي في هذا الإطار الطرح المقصود لإشكالية التقابل بين التراث والمعاصرة كجزء من الحرب الإعلامية وليس بقصد الوصول إلى حلول للمعضلات وإنما يقصد به طعن الصحوة الإسلامية باعتبار أن المعاصرة تمثل الواقع القائم القوي والصحيح وباعتبار أن التراث يمثل الذات المدافعة ضد محاولات الإلغاء التي يمليها الواقع القوي الذي يفزر نفسه من خلال معطيات موضوعية تستند إلى العلم والاستناد إلى العلم نفسه يفضي بالضرورة إلى التكيف والتلاؤم مع الواقع.

ومن هنا فإن الصحوة هي اتجاه غير واقعي ينأى عن الخضوع للواقع ويعالج المشاكل من خلال الشعار الداعي للالتحام بالتراث أي أن الصحوة حالة من الخيال والحلم والطوباوية!.

لكن هذا النوع من النقد لا يستطيع الاستمرار لأنه هو بدوره يعود ليترك فسحة للتراث إذ لا سبيل لإنكار وجود جوانب مضيئة فيه تصلح للبقاء والمساهمة في تشكيل المستقبل الناهض وهو أمر تجمع عليه أغلب اتجاهات النهضة. ومن جهة أخرى فإنه يسود نقد للمعاصرة إذ أنها ومهما اتسمت بالقوة فإنها لا يمكن أن تخلو من نقاط خلل ليكون الحاصل هو ضرورة وجود تيار أكثر دقة في التعامل مع التراث ومع المعاصرة في نفس الوقت كما أن هذا النقد يتناسى أن ولادة الصحوة لم تأت من فراغ وإنما جاءت لوجود مبررات وأسباب موضوعية في الواقع، فجاءت تعبيراً عن مدى معين من الخلل الذي بدا واضحاً عند التيارات الأسبق حتى لو كانت تنطوي بدورها على مستويات من الخلل كسواها.

فمن المعلوم أن التيار الليبرالي والتيار الديني الإصلاحي كان كل منهما يسعى إلى تحقيق النهضة ولكن من موقع مضاد للآخر حيث كان الأول يريد فسح المجال واسعاً في الذات لاستيعاب الحضارة الغربية لكنه لم يكن يستطيع التفكير بقيام نهضة بدون حضور واضح للذات. أما بالنسبة للتيار الديني الإصلاحي فإنه كان يريد فسح أفق معين لاستيعاب الحضارة الغربية لكن الذات هي الحاضر الأول.

وهكذا يشترك التياران بأنهما يريان ضرورة الاستعارة من الحضارة الغربية والاختلاف هو في حجم وطبيعة هذه الاستعارة، كما أنهما يشتركان في ضرورة حضور الذات لكنهما أيضا يختلفان في المساحة الممنوحة لهذا الحضور.

ولا نريد هنا تكرار النقد الموجه لكل من هذين التيارين لأن حركة الواقع أسفرت عن تنحيهما كلاهما ووصول تيارات أكثر ابتعاداً عن التراث حتى أن بعضها كان يدعو إلى تنحية التراث الثقافي نهائياً وإلى الأبد لأنه يغذي حالة التراجع التي منيت بها الأمة!.

لكن سرعان ما بدت علائم الإعياء عليها وعاد التراث للحضور بقوة من خلال التيارات القومية وإن كان حضوره أقل بروزاً منه في التيارات الإسلامية لكنه في كل الأحوال كان حضوراً مهّد للصحوة ولبروز التيار الإسلامي، وهذا يعني احتواء كلا الطرفين على عيوب ومثالب مما يقتضي أن تقام الأحكام خارج إطار الحرب الإعلامية وعلى أساس الدراسة المستفيضة لما هو دائر والتخلص من السلبيات سعياً وراء اكتشاف الصيغة الأكثر قدرة على تحقيق النهضة.

فالصحوة مجرد تيار يتميز عن بقية تيارات النهضة بجملة مميزات إلا أنها ليست سوى امتداد لها أكثر قرباً من الذات الحضارية وأكثر تماهياً معها رغم كون بعض اتجاهات الصحوة تحمل في أعماقها الكثير من النقد للتراث والحضارة الإسلامية، وبناء على هذا فإن في طياتها الكثير من الاتجاهات التي تتوزع بين من يتعصبون للتراث وبغض النظر عن مدى الالتحام بالتراث ولكن مع الة التي عاشتها التجربة في عصر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) باعتبارها الأكثر نقاءً وقدرة على الولادة الجديدة.

إذن هناك تيارات تقليدية تريد الإبقاء على التراث غثه وسمينه واتجاهات تضع الة المثالية وتحاول الوصول إليها وهناك من يحاول تطعيم التراث بقدر معين مما أثبتت التجارب صحته..

فهي إذن اتجاه نهضوي يحتوي في داخله طيفاً من الاتجاهات المتباينة التي تكون مرشحة لإنتاج نهضة، بما انه ينطوي على نقطة قوته الكبيرة وهي الاستناد إلى التراث وهو الثقافة السائدة التي تجذرت خلال عشرات القرون وصارت أساساً لوجود حضاري ألفه الناس وامتزجوا به بحيث صار جزءاً من ذواتهم الفردية.

فإنها إذن مشروع نهضوي يحاول الالتحام بالعصر عبر طرح الذات بقوة وفق صيغة تمثل الرد على تداعيات الواقع وتحل الإشكالية فهي من جهة رفض لبعض طروحات النهوض وبديل لها إلا أنها مثل بقية التجارب كانت مركبة من طيف من الاتجاهات التي تتمايز عن بعضها.

وعلى هذا الصعيد استطاعت الصحوة عبور أول الاختبارات وهو اختبار إثبات الذات في الصراع لاحتلال موقع خاص في الساحة السياسية والثقافية وتمكنت في النهاية من احتلال موقع الصدارة ولذلك صارت تبعاً لهذا النجاح مطالبة بعبور مرحلة الشعار إلى مرحلة التطبيق وتحقيق المنجزات وهو المحك الذي يؤدي في كل مرة إلى ترنح أحد الاتجاهات.

وهكذا فإن كل اتجاه من اتجاهات النهضة وبغض النظر عن متبنياته الفكرية والأيديولوجية إنما جاء مدعيا قدرته على علاج أسباب التخلف ولكنه وقف عاجزاً بعد فترة عن أداء مهامه فهو يفسح المجال للنقد وينتهي إلى العزلة متيحاً لبديل آخر الفرصة لمواصلة السير على طريق تحقيق الأهداف، وعلى هذا الأساس فإن الصحوة عبّرت رغم جميع المؤاخذات عن الاتجاه الأنضج الذي كشفت التجارب السابقة عن كونه بديلاً ناضجاً ذلك أنه جاء تحقيقاً للشروط المطلوبة وتجاوزاً للمؤاخذات.



معـــوقــات الصحـــــوة

وهي (الصحوة) كذلك لأنها ولدت مستفيدة من جميع الدروس والتجارب السابقة وأنها خلقت إطاراً نظرياً عالج أهم الإختلالات التي مرت بها الاتجاهات الأخرى التي منيت بمرض الانفصال عن الواقع والفوقية وكونها تمثل النخب ولا تمثل الجماهيرية ولم تنجح إلا في خلق بثور معاصرة على الوجه الحضاري للأمة تختلف عن التيارات الجماهيرية في كل شيء ولم تستطع أن تتحول إلى ثقافة للأمة بحيث تشارك في فعل النهضة كل الطبقات والفئات مما دفع في أغلب الأحيان إلى اللجوء إلى القوة والاعتماد على الأنظمة الشمولية وممارسة أشد أنواع القمع والإرهاب لفرض الحلول وهو لم يسفر إلا عن مزيد من العزلة والضعف وتصاعد دوافع الثورة ضد النخب وضد طروحاتها ولم تتمكن من تجاوز العزلة ولم يتح لها إلا الزوال وتأخر إنجازات النهضة.

فالصحوة استطاعت وبمجرد الانتماء إلى التراث عبور هذه المعضلة وصارت تنتمي إلى أعماق المجتمع ولم تلق معارضة إلا من النخب ومن التيارات الأخرى فهي ومنذ البدء استطاعت علاج هذا الداء العضال، إلا أن هذا الإطراء لا يلغي كون الصحوة بهذه المثابة لا تزال تحتاج إلى مكمّلات تمنحها كامل الفرصة للتحول إلى حل كامل ونهضة حقيقية وهو الهدف المطلوب من جميع المخاضات والصراعات التي استغرقت ما يزيد على القرن من الزمان.

فإذا سلمنا بضرورة الانتماء إلى التراث كأساس فإن هناك الكثير مما يلي تبني هذا الأساس لابدّ من توفره وهو يعني البحث في داخل اتجاهات الصحوة عن الاتجاه القادر على الالتحام بالعصر بحيث يكتب له السيادة على الاتجاهات الأخرى ويتخلص من جميع عوامل الفشل التي كشفت عنها التجارب التي سبقت ظهور الصحوة فضلاً عن ما كشفت عنه الصحوة نفسها.

فنحن إذن أمام صراع داخلي بين نفس تيارات الصحوة من أجل ترشيح التيار الأكثر قدرة على خلق النهضة، إذن لا يمكن القول بأن مجرد الانتماء للتراث يكفي وأن جميع الاتجاهات تتساوى في قدرتها على النهوض. فما دام النهوض لا يزال حلماً فإن حركة النضج لا تزال تتواصل لتضيف المزيد من المعالم والمؤشرات على الخيار الأكثر قدرة على تحقيق أهداف الأمة أو بعبارة أخرى القادر على حل إشكالية التراث والمعاصَرة.

وإن هدفاً من هذا النوع سوف لن يكون ممكناً ما دامت النهضة مستمرة بالاعتماد على الشعار أكثر من الدراسة العملية للواقع وهي من أهم المؤاخذات على محاولات النهوض منذ الأفغاني وحتى اللحظة الحاضرة ذلك أنها جميعاً تحمل ال المراد تحقيقها دون أن تستطيع إنجاز مشروع يحدد كيفية إنجاز هذه الة وقد كان التبرير قائما على إنها كانت محاولات ولدت في أجواء الصراع مع الاستعمار ولذلك فإنها لم تتمكن وليس لديها الفرصة الكافية لممارسة التفكير الناضج وتحديد الأنساق الفكرية البديلة لما يراد تنحيته.

وهكذا فإننا سنقف أمام نفس العقبة التي وقفت أمامها تجارب النهوض السابقة وهي إفساح المجال للفكر لقيادة التجربة وهو ما يعادل دراسة الواقع بطرفيه الذات والآخر وبالتالي التوصل إلى المسارب التي يمكن المرور منها عملياً، وليس كما ساد في المراحل السابقة من الركض وراء الشعارات والطروحات النظرية واستنساخ التجارب والتي باءت جميعها بالفشل إن لم تكن قد فاقمت الواقع المتردي.

وكل ذلك يعادل انقلاباً في الواقع الذي ساد منذ فجر النهضة وحتى اللحظة الراهنة وهو تبعية الفكر للسياسة وتحول دوره إلى دور تبريري لا يكشف عن الأخطاء والاختلالات إلا بالمقدار الذي يسمح به السياسي وإن إعطاء الفكر مثل هذا الدور يساوق إلغاءه إذ إن الفكر إذا لم يضطلع بالريادة فإنه سوف لا يساوي شيئاً في معادلة التحول.

إن هذا الانقلاب لا يعني بأي حال تبادل الأدوار بين السياسي والمفكر بل يعني الاتساق والتكامل فالفكر له القدرة على اكتشاف المسارب والأنساق والطروحات، والسياسي يمتلك القدرة على تحقيق كل ذلك بأفضل طريقة.

إن القدرة التي يمتلكها السياسي على الحركة والتنفيذ لا تنبع من إلهامات السياسة فقط بل إنها مؤطرة بما يمكن للمثقف والمفكر من إضاءات ووصايا يقف وراءها العلم والتجربة.

وقد شخص بعض المفكرين أن التراجع في التاريخ الإسلامي نشأ أصلاً عن الفاصلة أو الفجوة الحاصلة بين المثقف وعالم الدين والسياسي بحيث أن حركة السياسي صارت تتجه بعيداً عن ما يوصي به العالم وكان التراجع في البداية غير محسوس إلا أنه صار محسوساً فيما بعد وعلى وجه الدقة عندما بدأ الغزو الغربي للبلاد الإسلامية.

إذن لكي تكون الصحوة مشروعاً نهضوياً قوياً وناجحاً فإنها لابد أن تعالج هذا الانفصال فالعالم والمثقف لابد أن يكون دورهما متسقاً مع دور السياسي ثم بعد ذلك تحتاج الصحوة إلى إنجاز الإطار العام الذي يحتوي كافة التنوعات سواء التأريخية منها أو المعاصرة فإن الصحوة سوف لن تصبح تياراً نهضوياً ما لم تصبح تياراً لكافة الفئات الأيديولوجية والأثنية والمذهبية دون أن يعني ذلك الإلغاء بل خلق القدرة على اللقاء والتفاعل في السعي البنّاء لإنجاز الهدف المشترك. الفهرسالنمو الاقتصادي
اجهاض حركة النهضة
سقوط بغداد
الخطاب الإسلامي وعصر المجتمعات
برمجيــــــــات النهضــــة
انبثاق الصحوة واتجاهاتها..
معـــوقــات الصحـــــوة





المصادر 1) محمد اركون، نزعة الأنسنة في القرن السابع الهجري، دار الساقي، بيروت1966،ص284
2) ابراهيم الحيدري، ة الشرق في عيون الغرب، دار الساقي ، بيروت 1996 ، ص 12
3) محمد اركون، نزعة الأنسنة ، نفس


اقرأ أيضا::


[]d] hgHfphe hgugldm fpe fuk,hk hgYsghl ,uwv hgkiqm > fp,e hsghldm ,]vhshj hgYsghl ,uwv hgkiqm



رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدليلية (Tags)
بعنوان, الإسلام, وعصر, النهضة, بحوث, اسلامية, بحوث, ودراسات


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


جديد الأبحاث العلمية بحث بعنوان الإسلام وعصر النهضة . بحوث اسلامية . بحوث ودراسات

سياسةالخصوصية


الساعة الآن 03:11 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Content Relevant URLs by vBSEO