صور حب




منتدي صور حب
العودة   منتدي صور حب > اقسام الصور الــعـــامــة > شخصيات تاريخية - شخصيات مشهورة

إضافة رد
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2021
المشاركات: 18,864
افتراضي نبذة عن من هو عز الدين قسام.....سيرة الشيخ عز الدين القسام.....شخصيات مهمة في التاريخ..ثقافه





نبذة عن
 من هو عز الدين قسام.....سيرة الشيخ عز الدين القسام.....شخصيات مهمة في التاريخ..ثقافه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدنا ان نعرض لكم كل ما هو جديد في مجال المعلومات التاريخية و الشخصيات
كل ماهو جديد في المعلومات و التاريخ



تاريخية...التاريخ.



مدخل

كانت السيارة قد تجاوزت مدينة جنين... مرت الدقائق... رفع صديقي يده باتجاه محدد وقال: هذه قرية يعبد... الأحراش هناك خلف القرية... أنها غابة ضخمة. أحسست بقشعريرة تهزني... نشوة تتملكني... حاولت أن أغالب دمعي دون جدوى أذن أنت يعبد... قرأت الأسم على اللافتة الخضراء «يعبد» لم يخطر ببالي أسم لقرية أجمل من هذا الأسم. أذن هنا كان محط رحاله ومهراق دمه... مولانا الشيخ عز الدين القسام... القادم من «جبلة» حتى دميت قدماه الى «يعبد» ما بين »جبلة» و«يعبد» كانت تحولات التاريخ تدور تلقي بنا الى مزيد من الغربة والمعاناة والألم، ما بين جبله ويعبد كان القسام يحمل جره ويمضي... يتوقف في الطرقات... في الحوانيت... في البيوت... في ساحات القرى... في باحات المساجد... فوق المنابر يتوكأ على بندقيته كان «الشامي» القادم من جبله يرسم لفلسطين خارطة جديدة ضد التحولات وضد المرحلة ضد التجزئة كان وهو يتواصل ويتكامل من جبله الى يعبد،

ضد الغرب... يعلو صوته _ يغسل ارواح الناس المسلوبة.

ضد الغرب... يرفع بندقيته الى صدور عساكرهم

القسام يوم متجاوز ولحظة مشرقة في أيام صعبة... ومضة خاطفة ولكنها خصبة وولود مسكونة بكل الرموز القادرة على بعث الثورة وتحقيق ديمومتها.

والدراسة بين ايدينا محاولة لاكتشاف كلمة السر _ عز الدين القسام _ وفك رموزها... أنها محاولة صعبة... فالقسام ذهب في خوابي الماء... امتزج بكل طمى فلسطين فأني لنا ان نلملمه؟! ولكنها محاولة تستحق السفر... محاولة البحث عن ملامح عالم الدين الثوري.

*******

وهذا يقودنا منذ البداية ودوما الى سؤال هام يكمن في اجابته جوهر القسام وسره، السؤال حول علاقة الدين بالسياسة... حول دور رجل أو عالم الدينً السؤال في حياتنا يمتد الى قرن من الزمان ويرتبط جدلياً بالهجمة الغربية ضد الوطن الإسلامي. قبل ذلك... لم يكن مسوغاً او مبرر لطرحه فالإسلام أساساً لا يعرف فصلاً بين دين وسياسة حتى يسأل بعد ذلك عن علاقة بينهما فتتعبد الاجابات وتتباين ويدور الجدل والحوار ونعود من حيث بدأ محمد عبده وفرح انطون.

الإسلام أيها السادة ليس مجرد ملة... ليس طقوساً... ليس مسجداً منفصلاً عن المدرسة والمصنع والبيت وساحة الحرب... الإسلام نظام وقوانين لادارة الحياة كأشمل ما يكون النظام والقوانين وكأوسع ما تكون الحياة... هذا هو الدين عندما نتحدث عن الإسلام. السؤال الأهم... لماذا يغيب هذا المفهوم عن حياتنا ونستمر في السؤال عن العلاقة بموضوعية باردة... خبيثة او ساذجة. من الذي غيب هذا المفهوم عن حياتنا... من الذي حدد لعالم الدين دور مفتي الحيض والنفاس والطلاق والزواج فيفاجأ عندما يرى كالقسام مجاهداً أو قائداً للأمة. هل كان محمد صلى الله عليه وسلم قائد العلماء وسيدهم ونبيهم واسوتهم «أسوة واجبة الاتباع»... هل كان هكذا مفتياً للطلاق والزواج... مجرد ساع لاصلاح ذات البين.

السؤال مرة أخرى... لماذا يغيب دور عالم أو رجل الدين؟ ومن الذي يأخذ دوره؟ وما هي النتائج؟.

أنها المؤامرة ضد الإسلام على مدى قرنين من الزمان... مؤامرة أزاحته كصخرة تحطم عليها دوما طموح الغرب وغروره اما الذي يأخذ دوره فهو المفكر المتغرب والسياسي المتغرب... وكلاء الغرب في الجامعات والسوق وحتى ساحات الحرب... كيف ستبدوا المواجهة أذن... وكلاء الغرب ضد الغرب!!!

أن دور عالم أو رجل الدين يبدو واضحاً عندما نعلم ان السياسي يستطيع أن يخاطب الجماهير قائلاً هذا مفيد وهذا ضار... هذا من مصلحة الوطن وهذا في غير مصلحته بينما المواطن تحت ضغط مصالحة وباختلاف موقعه الفكري قد يرى رأياً آخر.

الدين _ مكنون الأمة _ يقدم جدار صعب ال******... الجدار الذي تلجأ أليه الجماهير... تسلهم في ظله معاني الحياة... الجدار الذي تتجاوز صلابته هذه الدنيا الفانية المحدودة لتتصل بالله... الوجود المطلق... والفعل المطلق الذي يهيمن على هذه الدنيا ويعطيها من روحه معنى وقيمة.

ورغم كل محاولات التدمير لا زال مجموعة الأمة يرى في الإسلام عقيدته وتراثه وتاريخه وكينونته...لا زال الإنسان المسلم يتوجه الى الشيخ سائلاً... هل هذا حلال أم حرام؟... اهذا شرعي أم غير شرعي؟.

ومن هنا يصبح عالم الدين البسيط والعادي شيئاً هاماً في حياة الناس. اما عالم الدين المجاهد والثوري فهو بدون شك الاقدر على القيادة والبعث والالهام ان مخالفة القيادة السياسية «وهي في أغلبها اليوم ذات توجه غربي علماني» يبقى في ضمير الناس نوعاً من الاجتهاد والرأي الآخر... أما مخالفة فتوى عالم الدين الملتزم فتبقى ضرباً من العصيان والاثم.

ان رجل الدين المسلم... ليس رجل الدين في الكنيسة الذي يخرج احياناً من صومعته ليبارك نشاطاً اجتماعياً او سياسياً وليس حالة استثنائية يعيشها كاهن أو قسيس يترك الكنيسة لينضم الى مجموعة ثورية كما يحدث احياناً في امريكا اللاتينية... رجل الدين الملتزم هو الذي يعيش الآم الناس ومعاناتها... يحملها ويتبناها ويدافع عنها.

أما الة المشوهه لاصحاب العمائم والواقع المشبوه لبعضهم فهي جزء من المؤامرة ضد الإسلام... المؤامرة التي انتجت نماذج تبسمل وتحوقل وهي تشارك في زفة الباطل... نماذج لا تمت للإسلام بصلة أن امثال هذه النماذج المسروقة لا يمكن أن تعطل دور رجال الدين المناضلين... المنارات الشامخة على امتداد تاريخنا المجيد.

المقدمة

لا تتم دراسة الحدث التاريخي بمعزل عن قضايا الصراع العقائدي والحضاري التي وقفت خلف هذا الحدث ودفعته الى صفحات التاريخ، وغالباً ما تؤدي عملية العزل الى القفر لاستنتاجات جاهزة ومتعسفة تخرج من معادلتها الكثير من المتغيرات والارقام الضرورية والعلمية في التاريخ لا تتعدى كونها خروج الدراسات التاريخية من وطور السرد الزمني المتلاحق للاحداث للاحداث الى طور فهم وتحليل الحدث بجوانبه المختلفة.

وتمتاز غالبية الأحداث الهامة في التاريخ الحديث والمعاصر للعالم الإسلامي بكونها ارتبطت ارتباطاً عضوياً بالصراع الحضاري والفكري بين الغرب الاوروبي وبين الشرق الإسلامي. لقد كانت الحملة الفرنسية طليعة الغزو والتحدي الغربي الحديث للوطن الإسلامي التحدي الذي انتهى الى استعمار المنطقة وتجزئتها ثمّ تكريس الوجود الصهيوني في القلب منها.

مثلت هذه الحملة لقاء بين الحضارتين تسبب في ظهور تيارات مختلفة في الفكر الاجتماعي والسياسي، مما أدى الى تحطيم الاعتداد الداخلي بالنفس للفرد المسلم والشعور الدائم بأنه الاقوى والافضل بين الشعوب الإنسانية. وحتى ذلك التاريخ لم يكن هناك من يستطيع أن يشكك المسلمين بأن الإسلام هو النظام الوحيد الذي يصلح لقيادة الحياة. هذه القاعدة نفسها تعرضت لزلزال بمجئ اوروبا الناهضة الفتية، أوروبا العلم الصناعي والبوادر الأولى للتكنولوجيا المتقدمة، بميجئها الى مصر القاعدة الواسعة والمركز الهام من مراكز التأثير والاشعاع في الشرق الإسلامي.

ومن هذه النقطة بالذات نستطيع أن ننطلق على أساس أن عدا تنازليا بدأ في تاريخنا الإسلامي، في مقابل العد التصاعدي المتسارع والذي كان قد بدأ في الطرق المقابل «الحضارة الغربية».

في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كان مولوداً جديداً قد بدأت تظهر ملامح الاخصاب والتشكل الأولى له، رغم أن النطفة وهي فكرة العودة الى ارض الميعاد وجدت منذ زمن قديم، وحاول نابليون نفسه اثناء حصار عكا أن يستفيد من وجود هذه النفطفة في الرحم اليهودي ليكسر بها صمود العكيين الشامخ، وباءت محاولته آنذاك بالفشل، بيد أن الدورة التاريخية قد عادت ليقوم عدة نابليونات غربيون باخصاب هذه النطفة وأخراجها الى عالم الشهود.

لقد ولد حقاً التحالف الغربي اليهودي، استهدف الطرف الأول كسر الصمود الحضاري الإسلامي في وجه التحدي الغربي الحديث عن طريق زرع اليهود في قلب العالم الإسلامي وفي أعز بقعة من بقاعه الى قلوب المسلمين، واستهدف الطرف الثاني العودة الى أرض الميعاد، وأعادة بناء هيكل سليمان بعد هدم المسجد الأقصى المبارك.

ونجح هذا التحالف، بعد سلسلة طويلة من المؤامرات والحروب وأستعمال شتى اصناف القتل والتدمير من أقامة دولة أسرائيل، ممثلة لكيان غريب في وسط كان في يوم من الأيام متجانساً وموحداً ومشكلاً للقوة الأولى في في العالم.

ما بين نشوء الحركة الصهيونية، أو بالأحرى تواجدها الفعلي على الأرض الفلسطينية وبين قيام دولة اسرائيل، كان هناك جانباً من رد الفعل الإسلامي والعربي ضد النشاط اليهودي وضد الوجود الأوروبي الحامي والمظلل للصهيونية والمتمثل في الانتداب البريطاني.

ولا شك أن المقاومة العربية قد وضحت معالمها الإساسية من خلال كتابات الكثيرين حولها،

ومنهم من عاصرها وعايش أحداثها ومجرياتها «مثل أكرم زعيتر، عيسى السفري، عزه دروزة وغيرهم». ولكن عاملاً هاماً لا يمكن غفاله بأي حال في محاولة لتحديد هوية وانتماء المجتمع الفلسطيني، عاملاً لم يأخذ حقه في الدراسة والتحليل في الكثير من هذه الدراسات «وربما لسيطرة التوجه القومي الليبرالي لدى أغلب المؤرخين لتلك الفترة» أنه دور الإسلام _ عقيدة وتاريخا _ في هذه المقاومة، فالى أي مدى تغلغلت مفاهيم الإسلام حول الجهاد والاستشهاد في سبيل الله على طوال المسيرة الفلسطينية عبر ادوارها المختلفة؟؟

بالتأكيد أن الاجابة على هذا السؤال لن تكون وليدة بحث واحد يدرس شخصية واحدة مشهورة وعظيمة في مجال المقاومة الإسلامية مثل الشيخ عز الدين القسام، بل هو بحاجة الى سلسلة من الدراسات والابحاث تعالج شخصيات متعددة وتطرق جوانب كثيرة من تاريخ فلسطين.

ألا أننا اذا أردنا أعطاء مقدمة لمثل هذه الاجابة على السؤال، بحيث تكون تمهيداً للدراسات المنشودة فان لنا أن نقتبس فقرتين لكاتبين فلسطينيين احدهما الدكتور عبد الوهاب الكيالي، أنتمى لحزب البعث العربي وأمن بأفكاره وأطروحاته، والآخر ناجي علوش الذي استخدم المنهج الماركسي في التحليل، وبقدر ما تعبر هاتان الفقرتان عن صدق وموضوعية ومطابقة للواقع، فان لهما اهمية خاصة في أنهما صدرتا عن كاتبين لم يقفا على الأرضية الإسلامية، بل تبنيا مناهج هي في النهاية مختلفة عن الفكر الإسلامي ومناقضة له.

يقول الدكتور الكيالي بعد حديثه عن سيادة العلاقات العائلية _ العشائرية على الحركة الوطنية الفلسطينية، وعدم نشؤء قيادات فلاحية تحل محل زعامات العائلات الفلسطينية الرئيسية:

«... على أن ذلك لا يعني أن الثقافة الإسلامية وروح الجهاد لم تلعب دوراً في اذكاء روح التضحية في مقاومة السياسة البريطانية والهجرة الصهيونية في فلسطين، كما أنه لا يعني أن زعامة الحاج أمين الدينية والمؤسسات الدينية التي كان يشرف عليها من اوقاف ومحاكم شرعية لم تسخر في النتيجة لخدمة الثورة الكبرى 1936 _ 1939»(1)

أما ناجي علوش فيقول:

«كان وقوف بعض رجال الدين ضد الإستعمار، وفي وضع الإسلام مقابل الإستعمار وثقافته، ومطالبة الجماهير بالعودة الى مثله، احياء للثقافة الإسلامية، وتأكيداً لاهمية الإسلام فكراً وديناً ودنيا. وكان من نتيجة ذلك أن مارس رجال الدين نفوذاً فعالاً على الصراع في فلسطين، حتى اندمجت القيادة السياسية بالقيادة الدينية منذ الأيام الأولى للاحتلال البريطاني حتى النكبة واتخذ «الكفاح» «شكل» «جهاد»... وكانت الثقافة الإسلامية موحدة ومحرضة وحافزة على العمل» (2).

*******

استناداً الى الإسلام وتاريخه تحاول هذه الدراسة المتواضعة الدخول الى فهم الحركة الجهادية التي قادها وأسسها المرحوم الشهيد عز الدين القسام في فلسطين وتحاول أيضاً القاء الضوء على جوانب من حياته في سوريا قبل دخوله فلسطين، لأنه قد يكون من النصاف القول أن التجربة القسامية لم تأخذ حقها من التاريخ من قبل أغلب الذين كتبوا في القضية الفلسطينية، واعتادت المراجع العربية أن تمر بهذه التجربة مر الكرام، رغم أنها _ كما سنرى _ نجحت في تحويل مجرى القضية الفلسطينية من طور المشاعر الانفعالية «الكلام والخطابات» الى طور الادراك العقلي «الفعل الثوري».

لن أحاول هنا أثبات هذه المقولة آملاً أن تأخذ حقها من الدراسة في هذا البحث، ولكن الأمر المهم الذي أرى من الضروري لفت النظر اليه. أن غزارة التجربة الفلسطينية وتزايد زخمها حتى نهاية السبعينات قد استدعى من الباحثين الفلسطينيين المعاصرين الرجوع الى هذه التجربة ودراستها بعمق. ولعل السبب في ذلك أنها مثلت الخط الثوري الخالص والنقي، البعيد عن المزايدات والاعتماد على قوى خارجية أعتماداً أساسياً يفوق الاعتماد على القوة الذاتية للجماهير المسلمة في الوطن.

واود أن اشير هنا الى الدراستين القيمتين اللتين كتبهما الباحث الفلسطيني «علي حسين خلف» في مجلة شؤون فلسطينية *، وقد أغنت هاتان الدراستان المعرفة التاريخية المتعلقة بالتجربة القسامية أغناء واضحاً وبارزاً بحيث أن الاستغناء عن المعلومات التي أوردها الباحث خلف في مجال دراسة التجربة يؤدي الى ق في فهمها وخلل في القدرة على تحليلها بشكل جيد.

وقد اعتمدت هذه الدراسة على بحث علي خلف بشكل خاص فيما يتعلق بتجربة الشيخ عز الدين القسام في سوريا، وعلى المعلومات التي أوردها الباحث استناداً الى مقابلات اجراها في الخارج لم يكن بالامكان في ظل ظروفنا المحلية أجراؤها. رغم اختلافي مع منهج الكاتب أذ أنه بتحليله الماركسي أضاع الكثير من جوانب التجربة وافقدها اتصالاها بموضوعية الصراع الحضاري «الإسلامي _ الغربي» وذلك بتركيزه على التناقض والصراع الطبقي كأساس في التحليل.

وكانت شؤون فلسطينية قد نشرت دراسة أخرى في عددها السادس «كانون الثاني 1972» للباحث عادل حسن غنيم، إلاّ أنها لم ترتقي الى المستوى المطلوب من الجهد العلمي فالكاتب اعتمد الكتابات التي سبقت دراسته عن الشيخ عز الدين القسام ونسق بينها دون أن يأتي بوثائق أو معلومات اخرى تضيف ابعاداً جديدة للدراسات السابقة.

من المصادر الأخرى التي تحدثت عن القسام بتفصيل اوسع من قبل ما كتبه الدكتور كامل خلة في كتابه «فلسطين والانتداب البريطاني» والذي اورد معلومات لم تتوفر في المصادر السابقة كما انه اثار نقاشاً حول عدة قضايا تتعلق بحركة الشيخ القسام بطريقة علمية وناجحة في التحفيز على أعادة النظر في بعض القضايا او على الاقل اعادة النقاش حولها.

يضاف الى هذا الكتاب، مصدراً آخر طرق الموضع بمعلومات اخرى تدون للمرة الأولى واغلبها ذو علاقة باتباع الشيخ القسام الذين قابلت مؤلفه الكتاب الدكتورة بيان نويهض الحوت بعضاً منهم، والكتاب هو «القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين».

واستكمالاً لاستعراض بعض الكتب والمراجع الهامة للبحث يبقى أن أشير الى الدراسة التي كتبها الدكتور عبد الستار قاسم ونشرت في الآونة الآخيرة، وهي على كونها محاولة جيدة للاستفادة من ذاكرة معاصري التجربة، ألاّ أن الباحث استند الى الروايات الشفوية المعتمدة على ذكرى احداث مضى عليها أكثر من خمسين عاماً دون أن يوثق محتواياتها من المراجع المدونة والمنشورة بالاضافة الى أنه اعتمد على رواية عاصم الجندي «الشيخ عز الدين القسام _ رواية تاريخية» رغم أنها من الناحية العلمية لا تصلح كمرجع لان اغلب ما ورد فيها من اختلاق الجندي وتأليفه الذاتي دون الاستناد الى مصادر موثوقة أو الاقتصار على رواية الاحداث المعروفة كما يقتضي الحال.

أما المصادر التي الفت من معاصري المرحلة التي شهدت التجربة القسامية فكان اهمها كتابي صبحي ياسين «الثورة العربية الكبرى» «واستراتيجية العمل لتحرير فلسطين»، بالاضافة الى «يوميات اكرم زعيتر» المنشورة في بيروت عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

هذا بالأضافة الى مراجع وكتب اخرى ذكرت جوانب محدودة من التجربة، والصحف الفلسطينية الصادرة في تلك الفترة، مع الاعتماد على وثائق الارشيف الصهيوني وارشيف الدول في القدس، وعلى المقابلات الشخصية التي اجريت مع عدد من المعاصرين للتجربة والذين يعيشون في الوطن المحتل واهم هذه المقابلات: المقابلة التي اجريت مع الشيخ القسامي عربي البدوي من قرية قبلان، الذي كان له شرف الاشتراك في معركة يعبد.

______________________________

* نشرت الدراسة الاولى في العدد 124 والثانية في العدد 126.

الاضافة الرئيسية التي يطمح هذا البحث اضافتها الى ما سبق من الدراسات في هذا الموضوع محاولة استيفاء جوانب واسعة من التجربة القسامية لم تصل اليها الدراسات والكتب المتعددة حوله بحيث يصبح هذا البحث محاولة للتأريخ الشامل للتجربة دون اغفال او نسيان أي جانب دونت عناصره وتوفرت معلوماته، مع اعتماد أن الرد الثوري للشعب الفلسطيني في تلك المرحلة استند الى الإسلام واستمد من اصوله مفاهيم للجهد والشهادة لتكون هي الزاد والحافز على مقارعة البريطانيين والصهيونيين.


يقسم هذا البحث الى ثلاثة فصول اساسية

الفصل الأول: ويتحدث عن طفولة القسام، دراسته في الأَزهر، وتجربته في الثورة السورية ضد الفرنسيين.

الفصل الثاني: ويتحدث عن دور القسام في فلسطين من عام 1920 وحتى استشهاده في احراش يعبد عام 1935.

الفصل الثالث: خصص للحديث عن أتباع الشيخ عز الدين القسام ودورهم في ثورة «1936 _ 1939» بالاضافة الى مواضيع أخرى. وزود الكتاب بمجموعة من الملاحق، كان من الضروري ثبتها هنا لاهميتها في توضيح امور قد تعجز لغة البحث عن صياغتها بنفس الاسلوب الذي صاغها فيه كاتبوها.

أمل ان يكون الجهد المتواضع الذي بذل في أخراج هذه الدراسة، جهداً مثمراً في تعريف القارئ العربي بشخصية جهادية عظيمة، لعبت دوراً هاماً جداً في تاريخ فلسطين وقدمت اروع الامثلة في التضحية والفداء في سبيل هدف سام ونبيل.

**********

القسام في سوريا


1 _ مولده ونشأته:

ولد عز الدين القسام في قرية جبلة «الادهمية» قضاء مدينة اللاذقية السورية المشهورة، والارجح أن ولادته كانت في سنة 1882م *.

والده الشيخ عبد القادر مصطفى القسام من المشتغلين بالتصوف وعلوم الشريعة، وامه حليمة قصاب «من آل نور الله الكرام حملة العلم ومصابيح الهدى في بلاد الشام» (1). يتصل نسب الاسرة بالرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم (2).

تزوج والده من امرأتين الأولى أمه حليمة وانجب منها فخر الدين، عز الدين ونبيهة، والثانية آمنة جلول وانجب منها أحمد، مصطفى، كامل وشريف (4).

نشأ في بيت علم، وتقى، فدرس، وتعلم في زاوية الإمام الغزالي، وكان ابوه من المهتمين بنشر العلم وبثه (4)، وتربية المريدين وهدايتهم الى الله عزّ وجلّ، وعمل في مدرسة «كتاب» درس فيها ابناء القرية اصول القراءة وحفظ القرآن، ثمّ اشتغل لفترة مستنطقاً في المحكمة الشرعية (5).

______________________________

* يخالف هذا التاريخ كل من:

1 _ صبحي ياسين في كتاب الثورة العربية الكبرى في فلسطين حيث ذكر العام 1871م.

2 _ عبد الغني الكرمي في جريدة فلسطين «العدد 225 _ 3109، 22/ 11/ 1935» اذ قال ان القسام اربى على الستين عاماً.

3 _ الشيخ حسين حسونة الذي قال أنه بلغ السبعين عاماً حين استشهد «جريدة الجامعة الإسلامية، العدد، 22 / 11/ 1935م».

4 _ مجلة الرابطة العربية «العدد 17، 16، ايلول 1936م» صاحب مقال شيخ الثورة الفلسطينية ذكر أنه جاوز السبعين.

5 _ ابراهيم السيد عيسى المصري ذكر في كتابه مجمع الاثار العربية ان القسام بلغ من العمر ما فوق الستين عاماً.

6 _ جريدة دافار الصهيونية قالت ان عمره «65» عام حين قتل «عدد 21 / 11 / 1935».

7 _ المجاهد القسامي عربي البدوي الذي قال أنه جاوز الستين عاماً حين استشهد.

أما الذين تبنوا العام 1882، أو 1880 فهم:

1 _ خير الدين الزركلي في الاعلام ج 6، ص 267 طبعة 1980.

2 - علي حسين خلف في شؤون فلسطينية، العدد 124، ص 17، مستند الى ان اعتبار العام 1871 مولدا للقسام ينفي دارسته في الازهر على يد الإمام محمد عبده.

3 _ خيرية فخر الدين القسام التي ذكرت أن والدها فخر الدين يكبر عز الدين القسام بسنتين، وحين أن والدها من مواليد 1878، فيكون مولد عز الدين سنة 1880م.

4 _ أ. كوهين في تقريره المقدم للوكالة اليهودية في القدس بعنوان «احداث تشرين الثاني في البلاد» والمحفوظ في الارشيف الصهيوني، وفيه ذكر ان القسام بلغ من العمر حوالي «55» عاماً حين استشهد، أي ان ولادته تكون في عام 1880م.

أما ترجيح العام 1882 على التواريخ الاخرى، فبسبب تلائم هذا التاريخ مع فترة وجود القسام ومحمد عبده في الأزهر، حيث رحل القسام الى مصر عام 1896، وشغل عبده منصب التدريس في الأزهر من عام 1895 الى 1905 ممثلاً عن الخديوي عباس حلمي الثاني في مجلس أدارة الأزهر، وبسبب تلائم هذا التاريخ مع ولادة أخيه فخر الدين القسام.

والأسرة ككل معروفة بمكانتها في القرية من اشتغالها بالفقه والشريعة *، والى جانبها عرفت اسرة «آل يونس» بنس المكانة، فالاسرتان من الاسر الرئيسية في القرية وأن اختلفت اسس شهرة الاسر الاخرى، فآل كنج وآل ديب وآل أغا اخذت مكانتها من ملكية الاراضي، وآل عكو وآل غلاونجي من العمل بالتجارة (6)، وهذه البيئة بتركيبتها الريفية البسيطة ساعدت على أن يتشرب الطفل عز الدين مفاهيم وقيم عائلته وان ينشأ بميل خاص نحو الشريعة الفقه الإسلامي، فيكون لاستاذه في «الكتاب» الشيخ محيمود رأي بتلميذه واعجاب بنبوغه وتفوقه على اقرانه، وكان الاستاذ غالباً ما يلهج لسانه بذكر مزايا تلميذه عز الديم (7). وساعدت ايضاً على أن يترعرع منذ طفولته في احضان الإسلام بما يحمله من صفاء سمو خلق وسيرة محمودة وثورة على الظلم والظالمين.

امتاز الطفل عز الدين بالميل الى الانفراد والعزلة وطول التفكير، الامر الذي سيؤثر في مستقبله وسيجعله اكثر قدرة على فهم ما يدور حوله من احداث وأدراك الاسباب والكوامن الاساسية خلفها.

2 _ السفر الى الأزهر الشريف:

هيأ تفوق القسام في مدرسته الأولى، واهتمام اسرته بالتعليم، فرصة للسفر الى الازهر وطلب العلم هناك، وتم تدبير امر السفر بمساعدة أحد الافندية (8)، فسافر عز الدين وابن خالته ناجي اديب (9) عام 1896، وبرفقتهم اخوه فخر الدين، عز الدين التنوخي، رضا مسيلماني، مصطفى مسيلماني، ذيب البيرص ومنح غلاونجي (10)، وفي الازهر حضر عز الدين دروس الشيخ محمد عبده وارتوت نفسه من العلم الحقيقي (11).

ولعل فترة دراسته في الازهر البالغة عشر سنوات (12)، قد سمحت له بالاخذ من الثقافة المعاصرد له بدرجة كبيرد، وجذرت فيه التوجه الإسلامي الثوري، فالازهر معقل العلماء والثورة منذ القدم وما وقوفه بوجه الغازي نابليون ببعيد، وهيأت مصر التي كانت آنذاك مصب التيارات الفكرية المتعددة داخل الشرق الإسلامي فرصة لتوعية الشاب القروي عز الدين وتنويره بما يدور في العالم من صراع، فعلى ساحتها كان صراعاً فكرياً يحتدم بين مدرسة الاسلاميين الأصوليين «امتداد الأمة وأصالتها» ممثلة في تلاميذ الصوت الثائر جمال الدين الافغاني كمحمد عبده ورشيد رضا، وبين مدرسة التغريب _ وكلاء حضارة الغرب ونقيض حضارة الأمة _ من امثال فرح انطون ولطفي السيد.

ومصر خاضعة ايضاً للاحتلال البريطاني المباشر بعد فشل ثورة عرابي عام 1882م، وفيها تيار المقاومة الإسلامي للاحتلال البريطاني ممثلاً بمصطفى كامل احد الاصوات الثورية في تاريخ مصر، ومن المتأثرين بصرخات باعث النهضة الإسلامية الحديثة جمال الدين الافغاني.

ففي مصر اذن عرف القسام الاستعمار الغربي البريطاني وجها لوجه، ورأى هجوم المفكرين المتغربين على الإسلام فكراً وحضارة وتاريخاً، وعايش بنفسه الصراع الدائر بين هؤلاء وبين المفكرين المسلمين، وفيها عرف عن الحركة الصهيونية وليدة الاستعمار الغربي وربيبته *، وسمع عن تطلعاتها واطمعاعها بفلسطين.

______________________________

* هناك رواية ذكرتها خيرية القسام حول تسمية الاسرة بهذا الاسم، تقول ان جد الاسرة كان من الاولياء الصالحين وقد ظهرت افعى كبيرة في مراعي القرية ازعجت أهلها، ولكن «الجد» خرج اليها وصرخ بها بصوت كبير فقسمها نصفين، فسمي بالقسام.

*يذكر الباحث اليهودي يهوشع بوراث ان القسام ربما وقع تحت تأثير رشيد رضا الذي انشأ مدرسة خاصة به خارج الأزهر «مدرسة الجهاد» (13)، لان افكاره وتطلعاته شبيهة الى حد كبير برشيد رضا.

وفي عام 1902 نشر رشيد رضا مقالات في مجلته «المنار» يحذر فيها من خطة الصهيونية الهادفة الى اقامة دولة يهودية في فلسطين (14). ومن هذه المقالات وبسبب قرب القسام من رشيد رضا يمكن القول بمعرفته عن الصهيونية في مرحلة دراسته في الأزهر.

لا يعرف الكثير عن حياة القسام خلال دراسته في الأزهر، فلم يدون عنه سوى حادثة واحدة تدلل على عصاميته واعتماده على نفسه، فقد عانى وزميله عز الدين التنوخي من انقطاع المصاريف «الواردة من الاهل»، ونفاد ما بحوزتيهما، وفقد التنوخي الامل بامكانية الخروج من المأزق، ويظل يحاور القسام عما يفعلانه، فأقترح القسام قائلاً:

_ سنعمل هريسة ونبيعها للطلاب.

فاستفظع التنوخي الامر، وفي محاولة «منه» للتملص قال:

_ ولكني اخجل ولا استطيع المناداة.

فأجابه القسام:

_ أنا اصيح على بضاعتنا.

وبهذه الوسيلة، تمكن الاثنان من مواصلة الدراسة، القسام يصيح والتنوخي يلازمه وقوفاً.

وذات يوم جاء والد التنوخي لزيارته في القاهرة وقبل دخلوه الأزهر وجد ابنه الى جوار القسام، وكليهما خلف صينية الهريسة، فسأل مستفسراً:

_ ما هذا؟

_ فأجابه ابنه، في محاولة لرد التهمة عن نفسه:

_ عز الدين علمني، وهو صاحب الفكرة.

_ ولم يصدق الابن، حين سمع اباه يقول:

_ حقاً لقد علمك الحياة» (15).

3 _ العودة الى جبلة:

عاد عز الدين القسام الى سوريا عام 1906 *، بعد ان نال شهادة الأهلية، وحاول والده عبد القادر أن يقنعه بالذهاب الى قصر الافندي ديب ليسلم عليه (16)، ولكن الازهري المستنير يرفض السلام على الافندي ويحاور اباه بمنطق سليم:

« _ غريباً يا أبي وهل يسلم الوافد على المقيم؟!!

_ ولكنه الافندي

وتلعثم الأب... وكرر «الأفندي»

فتبسم عز الدين:

_ لا يا أبي، فالله لم يخلقنا افندية ودهماء، حقوق الجوار تقضي أن يبدأ هو بالزيارة، أو تأتي البادرة من صوبه على الاقل، لا تخشى يا ابتي فأنا قوي بعلمي وايماني بما تعلمته وهو لن يجرؤ على اذيتك» (17).

وقبل ان يباشر العمل، قام برحلة الى تركيا، للاطلاع على طرق التدريس في جوامعها، وعلى خطب الجمعة ودروس ما بعد صلاتي العصر والمغرب (18).

وحين عاد عكف على التدريس في زواية والده، وفي جامع السلطان ابراهيم بن ادهم* قطب الزاهدين (19)، واخذ دور والده في تدريس اطفال القرية، وتجاوز الحدود التقليديدة في حفظ القرآن وتجويده.

______________________________

* يذكر علي خلف انه عاد سنة 1903 «ص 21»، بعد ان درس ثماني سنوات بينما يكون عام 1906 هو العام الذي عاد فيه بناء على ان دراسته في الأزهر استغرقت 10 سنوات كما ذكر محمد المبنوب «السوري» الذي عاصرتك الفترة، في جريدة الجامعة العربية عدد «1721»بتاريخ 20 / 12 / 1935 م.

* ابراهيم ابن ادهم ابن من التميمي البلخي: زاهد مشهور، وابوه من اهل الغنى في بلخ،توفي 161 هجري «878م»، تفقه ورحل الى بغداد، وهو من كبار السادة الصوفية. «انظر الاعلام لخير الدين الزركلي، ج 1، ص 31، ط 198»

الى العلوم الاولية والقراءة والكتابة، وتولى خطابة الجمعة في مسجد المني، الذي يتوسط البلدة، «وقدم لسكان قريته الإسلام، كما آمن به وتعلمه، فدب في القرية حماس ديني شديد فكانت شوارعها ترى مقفرة اذا اذنت صلاة صلاة الجمعة» (20). وبنشاطه في الدعوة والتعليم «ذاع صيته، وانتشر اسمه، واصبح موئلاً ومقصداً، وكان في سيرته الشخصية مثال الفضيلة والكمال لا ينهى عن خلق ويأتي مثله، ولا يدعو الى طريق إلاّ ويكون أول سالك له، فكثر اتباعه ومريدوه وعظم شأنه وذاع صيته (21).

وحاول الافندية في المنطقة الضغط على الشيخ عز الدين القسام، ربما للتخفيف من نفوذه الشعبي وتأثيره على الناس، اذ أنه اصبح موضع احترامهم وتقديرهم ونال حبهم الشديد، إلاّ انهم فشلوا في اخضاعه، فحاولوا استعداء السلطات العثمانية عليه فلم ينجحو (22).

وبعد توظفه في مسجد المني، أحدث القسام تغييراً في بيت اسرته، فبعد ان كان البيت مؤلفاً من غرفة واحدة طويلة، مبنية من اللبن والطين، ومقسمة الى ثلاثة اقسام مفتوحة على بعضها البعض:

واحدة لنوم العائلة برمتها،

وواحدة للمؤونة والعلف،

والثالثة لنوم البقرة. اقنع والده بضرورة الفصل بين اجزاء البيت الثلاثة، وان يطليه بالطلاء الابيض «الحوارة»، ومنع عز الدين امه واخواته من العمل في بيت الافندي، مكتفياً بدخله الشهري (23).

4 _ ايطاليا تستعمر طرابلس الغرب والقسام يدعو للجهاد:

كانت جميع الاقطار العربية تقريباً خاضعة للحكم العثماني في مستهل القرن السادس عشر الميلادي، وعرفت الدولة العثمانية ب******ها الناجح لاوروبا النصرانية ونشرها الإسلام في بلدانها بعد تحقيق الانتصارات العسكرية على الجيوش الاوروبية في عقر دارها، وامتد نفوذ العثمانيين الى مناطق واسعة من العالم، ومثلث فترة حكم آل عثمان في بلاد المسلمين مرحلة جديدة من التجديد واحياة الجهاد والفتوحات الإسلامية بعد مرحلة من التخلف والتراجع في ظل الحكام المتأخرين من العباسيين. بيد ان هذا التجديد لم يبق سائراً في اتجاهه المطلوب بعد أن دخلت مظاهر المادية واللهو الى حكام الدولة، فانصرف السلاطين الى مشاكلهم الذاتية ورغباتهم الشخصية وتفرغوا لها بدل الاستمرار في توجيه الدولة الإسلامية نحو الفتوح والازدهار كما فعل اسلافهم، وتزامن هذا التراجع العثماني مع تقدم اوروبا الفكري ونضوج ظروف التغير فيها، وفي نهاية القرن الثامن عشر (1789م) قامت الثورة الفرنسية محررة فرنسا من سلطة الاقطاع والكنيسة عوائق التقدم هناك، وبعد عدة سنوات (1798م) انطلق احد ابناء هذه الثورة نابليون بونابرت _ بحملة عسكرية نحو مصر الإسلامية يهدف بها توسيع نفوذ فرنسا الجديدة وسلطتها، وكانت هذه الفترة من اشد فترات التاريخ الإسلامي تراجعاً وتخلفاً، ورغم أن الحملة استمرت مدة ثلاث سنوات ققط، إلاّ انها اعطت الضوء الاخضر لاوروبا الحاقدة على العثمانيين بضرورة التحرك لضرب الدولة الإسلامية المتراجعة، وشهد عام 1830م بداية الانهيارات العسكرية للمسلمين في وجه اوروبا الزاحفة، فاحتل الفرنسيون الجزائر ثمّ مدوا نفوذهم وحكمهم الى تونس والمغرب.

وفي عام 1882م قامت قوات بريطانيا بسلخ مصر نهائياً عن سلطة الحاكم العثماني المسلم واصبحت مصر تحت الاحتلال الانجليزي المباشر. اما طرابلس الغرب فكانت مطمع الايطاليين الذين فتحوا بطونهم لابتلاعها منذ نهاية القرن التاسع عشر، وفي سنة 1900م عقدت اتفاقية مع فرنسا حول تحديد مناطق النفوذ في البحر الابيض المتوسط، وبموجبها تخلت فرنسا لصالح ايطاليا عن جميع مطالبها في طرابلس الغرب، ولقاء ذلك منحتها ايطاليا حرية العمل في مراكش (24).

قامت ايطاليا بعد ضمانها تأييد نضيراتها الاوروبيات «بريطانيا، فرنسا، روسيا»، باستعدادات وافية في داخل طرابلس الغرب. ففي عام 1901 زارها وفد برلماني ايطالي. وقام ضباط الاسطول الايطالي الذين كانوا

يرتدون لباس الصيادين باصطياد الاسفنج عند سواحل طرابلس الغرب، حيث مسحوا سواحلها في الوقت ذاته.

وابتدأت منذ هذا العام الصحافة الايطالية بدعوة الحكومة الى فتح طرابلس الغرب كمنطقة كانت تعود بة طبيعية الى الايطاليين، واخرج احد الجغرافيين الايطاليين في سجلات التاريخ القديم اصطلاح «ليبيا» واطلقه على طرابلس الغرب (25).

عام 1908 نجحت حركة الردة المتآمرة ضد الخلافة «الاتحاد والترقي» الماسونية، في الاستيلاء على السلطة بعد الانقلاب المشؤوم ضد السلطان عبد الحميد الثاني، وعرف حكمها التعاون التام مع اعداء الإسلام ضد الدولة الإسلامية لتقليص نفوذها والقضاء عليها.

قررت ايطاليا سنة 1911م، الاستيلاء على طرابلس الغرب واحتلالها، فحاصر اسطولها مدينة طرابلس في (30 / 9 / 1911م)، بهدف اخضاعها بالقوة، فأثار هذا الاعتداء الايطالي على مسلمي طرابلس، المسلمين في كل مكان، «فقاد الشيخ عز الدين القسام بنفسه، مضاهرة طافت شوارع البلدة (جبلة) وهي تهتف:

يا رحيم ويا رحيم

غرق اسطول الطليان (26).

وقد سبق محاصرة الايطاليين لطرابلس انذارها لحكومة الاتحاد والترقي، الذي جاء فيه أن ايطاليا قررت اسباغ نعم التقدم الاوروبي على طرابلس الغرب وأن عمل ايطاليا «المشروع» هذا اصطدم بمقاومة الباب العالي. ولما كانت ايطاليا لا تريد اضاعة الوقت باجراء مفاوضات لا جدوى فيها، لذا قررت احتلال طرابلس الغرب وبرقة عسكرياً، صيانة لكرامتها وحفاظاً على مصالحها. واقترحت على تركيا أن تأمر موضفيها بعدم مقاومة الاحتلال الايطالي، وامهلتها (24) ساعة لتنفيذ هذا المطلب (27).

وحتى تكتمل فصول المأساة فقد ردت حكومة الاتحاد والترقي على الانذار الايطالي بأسلوب مسالم للغاية قالت فيها «أنها لا تضمر أي عداء ازاء المشاريع الايطالية في طرابس الغرب وبرقة» (28).

انتقل الاسطول الايطالي من المحاصرة الى الاحتلال، فانتقل القسام من المظاهرات الى التطوع القتالي وانتقى (250) متطوعا!، وقام بحملة تبرعات كي يؤمن معاش هؤلاء الرجال عائلاتهم. واتصل بالسلطات العثمانية، فأبدت ترحيباً حاراً، وطلبت من هؤلاء المتطوعين السفر الى الاسكندرونة، كي يستقلوا باخرة الى طرابلس. وبعد أن وصلوا الى الاسكندرونة، انتظروا فيها اربعين يوماً دون جدوى. ثمّ تلقوا الامر من السلطات بالعودة الى بلدهم، فبنوا مدسة بمال التبرعات لتعليم الاميين» (29). وفي هذا دلالة الى أن الشيخ القسام اعتبر محاربة الجهل وتعليم المسلمين من الجهاد في سبيل الله. يصرف عليه من اموال الزكاة والصدقات المخصصة للجهاد، مما يعكس وعي القسام وفهمه العميق لرسالة الإسلام. أما الايطاليون فقد واجهوا مقاومة عنيفة من القبائل المسلمة في طرابلس الغرب، واستبسل هؤلاء في الدفاع عن حقوقهم وارضهم، وقبل ان تستطيع ايطاليا اخضاع الساحل لها كانت حكومة الاتحاد والترقي قد وقعت صلح لوزان في 18 / 10 / 1912، وسحبت بموجبه قواتها البسيطة من طرابلس الغرب واستدعت موظفيها (30). ومنذ ذلك الحين اصبحت طرابلس الغرب معروفة باسم ليبيا.


اقرأ أيضا::


kf`m uk lk i, u. hg]dk rshl>>>>>sdvm hgado hgrshl>>>>>aowdhj lilm td hgjhvdo>>erhti rshlsdvm hgado hg]dk



رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدليلية (Tags)
الدين, قسامسيرة, الشيخ, الدين, القسامشخصيات, مهمة, التاريخثقافه

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


نبذة عن من هو عز الدين قسام.....سيرة الشيخ عز الدين القسام.....شخصيات مهمة في التاريخ..ثقافه

سياسةالخصوصية


الساعة الآن 02:19 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Content Relevant URLs by vBSEO