#1
| |||
| |||
نبذة مهمة عن الصحابي عمار بن ياسر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يسعدنا ان نعرض لكم كل ما هو جديد في مجال المعلومات التاريخية و الشخصيات كل ماهو جديد في المعلومات و التاريخ - - كان الناس في مكّة يعيشون في جهل و ظلام . يظلم القويّ الضعيف و يسلبه حقه فلا ينصره أحد ، و كان زعماء قبيلة قريش يشتغلون في التجارة ، فكانت لهم رحلتان تجاريتان كلّ عام . في فصل الصيف تذهب قوافلهم إلى الشام ، و في فصل الشتاء يتجهون إلى اليمن . و أهل مكّة فيهم فقراء و فيهم أثرياء ، فالأثرياء يظلمون الفقراء و يقهرونهم ، و بعض الفقراء يعيشون عبيداً لا يملكون شيئاً حتى حرّيتهم . و في ذلك الزمان عاش سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) ، كان يذهب إلى جبل حراء ، يفكّر في مصير الناس ، و يفكر في قومه و في عبادتهم للأصنام و الأوثان . و ذات يوم و عندما بلغ سيّدنا محمّد من العمر أربعين سنة هبط عليه الوحي ، يُبشِّره بالإسلام رسالة الله سبحانه إلى الناس جميعاً . و هبط سيّدنا محمّد من الجبل و هو يحمل معه رسالة الإسلام لكي يعيش الناس إخواناً متحابين . أصغى الفقراء و المظلومون إلى نداء الإسلام فآمنوا به و امتلأت قلوبهم بحبّ الإسلام . و سمع الظالمون من تجّار قريش و أثريائها فحقدوا على سيدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) و راحوا يكيدون للإسلام و المسلمين . كان أبو جهل أكثر المشركين حقداً و كان يؤذي سيّدنا محمّداً ( صلى الله عليه و آله ) كثيراً . دار الأرقم كان سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) يجتمع بالمؤمنين سرّاً في دار الأرقم ، حتى لا ينكشف أمرهم فيتعرّضون لانتقام أبي جهل و أبي سفيان و غيرهما من المشركين . و ذات يوم جاء عمّار بن ياسر فوجد رجلاً واقفاً عند الباب فقال : ـ ماذا تفعل هنا يا صهيب ؟ أجاب صهيب : ـ جئت أسمع كلام محمّد . . و أنت ؟ قال عمّار : ـ و أنا أيضاًَ جئت أسمع كلامه . و دخل عمّار و صهيب ، و راحا يصغيان بخشوع إلى كلمات الله و آيات القرآن الكريم . شعر عمّار بالإيمان يملأ قلبه ، كما تمتلئ السواقي بماء المطر . و عندما أراد عمّار و صهيب أن يخرجا قال سيدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) : ـ امكثا هنا إلى المساء . كان رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) يخشى عليهما من انتقام قريش . انتظر عمّار حتى حلّ الظلام فخرج من دار الأرقم و أسرع نحو منزله . كانت اُمّه تنتظر عودته بقلق ، و كذلك كان أبوه هو الآخر ينتظر عودته . عندما دخل عمّار ، عمّت الفرحة البيت الصغير . و راح عمّار يحدّث والديه عن الإسلام دين الله . آل ياسر ينتمي عمّار في نسبه إلى قبائل اليمن ، و لكن ما الذي جاء به إلى مكّة ؟ جاء والده ( ياسر ) مع أخويه الحارث و مالك يبحثون عن أخيهم الرابع الذي انقطعت أخباره . بحثوا عنه في كلّ مكان ، ثم جاءوا إلى مكّة للبحث عنه فلم يعثروا على أثر له . أراد الحارث و مالك العودة إلى اليمن ، و لكن ياسراً فضّل البقاء في مكّة قرب بيت الله الحرام . لجأ ياسر إلى قبيلة بني مخزوم و أصبح كأحد أفرادها و تزوّج جارية اسمها سميّة . و تمرّ الأيام و تنجب سميّة صبياً فسمّاه أبوه عمّاراً . عمّار ولد عمار بن ياسر قبل عام الفيل بأربع سنين أي قبل ولادة سيدنا محمد ( صلى الله عليه و آله ) الذي وُلد في عام الفيل . و عندما أصبح شاباً ، تعرّف على سيدنا محمد ( صلى الله عليه و آله ) و أصبح صديقاً له . كان يحب سيدنا محمّداً ( صلى الله عليه و آله ) لأخلاقه و أمانته و إنسانيته . و ذات يوم كان يتمشى مع سيدنا محمد ( صلى الله عليه و آله ) بين جبل الصفا و جبل المروة و كان عمره تسعاً و عشرين سنة و عمر سيدنا محمد خمساً و عشرين سنة ، جاءت هالة أخت خديجة بنت خويلد و تحدّث مع عمار حول فكرة زواج سيدنا محمد ( صلى الله عليه و آله ) من خديجة ، و وافق سيدنا محمد حيث تمّ الزواج المبارك . و عندما بعث الله سيدنا محمداً برسالة الإسلام آمن عمار و والده ياسر و اُمه سميّة . الانتقام سمع أبو جهل بإسلام عمار و والديه فجنّ جنونه . قاد أبو جهل جماعة من المشركين و اتجهوا إلى منزل ياسر . كانت في أيديهم المشاعل فأحرقوا الدار و اقتيد ياسر و عمار و سمية إلى الصحراء خارج مكّة . قيّدوهم بالسلاسل ، و بدأوا بتعذيبهم . في البداية انهالوا عليهم بالسياط حتى سالت الدماء . ثم جاءوا بمشاعل النار و راحوا يكوون أجسادهم . و ظلّت هذه الأسرة الصغيرة المؤمنة ثابتة على إيمانها . جاء أبو جهل بالصخور و وضعها فوق صدورهم ، كانوا يتنفسون بصعوبة و لكنّهم ظلوا على إيمانهم . حان وقت الظهر و اشتدت حرارة الشمس فعاد أبو جهل و المشركون إلى مكة و تركوا الأسرة تحت أشعة الشمس الحارقة . و في الأثناء مرّ سيدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) و رآهم على هذه الحالة فبكى رحمة لهم و قال : ـ صبراً يا آل ياسر إنّ موعدكم الجنّة . قالت سميّة و قد ملأ قلبها الإيمان : ـ أشهد انّك رسول الله و أن وعدك الحقّ . عاد الجلاّدون يتقدّمهم أبو جهل و بيده حربة طويلة و بدأ يعذّبهم بالحديد و النار . فقد عمار و ياسر و سمية وعيهم ، فرشّوهم بالماء ، و عندما أفاقوا صاح أبو جهل بسمية : ـ اذكري الآلهة بخير و محمداً بسوء . بصقت سميّة في وجهه و قالت : ـ بؤساً لك و لآلهتك . شعر أبو جهل بالحقد ، فرفع الحربة عالياً و سدّد ضربة إلى بطنها و راح يمزّق جسمها بالحربة حتى قتلها ، فكانت سميّة أول شهيدة في تاريخ الإسلام . و اتجه أبو جهل إلى ياسر و راح يركله بقدمه على بطنه حتى قتله و استشهد ياسر تحت التعذيب الوحشي . رأى عمار ما حلّ بوالديه فبكى . و انهال عليه أبو جهل و المشركون بالسياط و أنواع العذاب ، و صاح أبو جهل : ـ سوف أقتلك إذا لم تذكر آلهتنا بخير . لم يتحمّل عمّار ذلك التعذيب الوحشي فقال : ـ اعل هبل . ذكر عمّار آلهتهم بخير لكي يكفّوا عن تعذيبه ، عندها حلّوا وثاقه و تركوه . الإيمان في القلب جاء عمّار إلى سيدنا محمّد يبكي ، لم يكن يبكي من أجل والديه و لا من أجل نفسه و ما رآه من عذاب ، جاء يبكي لأنه ذكر الأوثان بخير . واسى رسول الله عمّاراً باستشهاد والديه ، و كان عمّار ما يزال يبكي قائلاً : ـ لم يتركوني يا رسول الله حتى أكرهوني فذكرت آلهتهم بخير . قال سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) و الرحمة تشعّ من عينيه : ـ كيف تجد قلبك يا عمّار ؟ ـ قلبي مطمئن بالإيمان يا رسول الله . قال النبي ( صلى الله عليه و آله ) : ـ لا عليك يا عمّار . لقد أنزل الله فيك إلاّ من أُكره و قلبه مطمئن بالإيمان . الهجرة اشتدت محنة المسلمين في مكّة ، فأمر سيّدنا محمّد أصحابه بالهجرة إلى يثرب ، و هاجر عمّار مع مَن هاجر في سبيل الله . و عندما هاجر سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) عمّت الفرحة المدينة المنوّرة و عاش المهاجرون مع إخوانهم الأنصار حياة طيبة تسودها المحبّة و التعاون و الاخاء . كان أوّل شيء فكّر فيه رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) هو بناء مسجد يعبد فيه المسلمون الله وحده ، و يكون رمزاً لعزة الإسلام و قلعة للاُمة الإسلامية . شمّر المسلمون عن سواعدهم و راحوا يعملون بحماس لبناء مسجد النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) . كان بعضهم يحمل التراب ، و بعض يصنع الآجر ، و آخرون يحملون ما جفّ منه لبناء الجدران . كان سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) يعمل مع أصحابه ، و كان عمّار يعمل بنشاط و قد غطّاه الغبار ، كان كلّ فرد من المسلمين يحمل لبنة ( طابوقة ) واحدة ، أما عمار فكان يحمل لبنتين ، فقال له سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) : لهم أجر و لك أجران . و لكي يبثّ في قلوب إخوانه الحماس في العمل ، كان يردّد شعاراً حماسياً : ـ لا يستوي من يعمّر المساجدا يدأب فيها قائماً و قاعدا و من يرى عن الغبار حائدا كان بعض الصحابة يتحاشى الغبار ، فظنّ أن عمّار يعنيه بهذا الشعر . جاء عثمان إلى عمّار و قال له مهدّداً : ـ سوف أضرب أنفك بهذه العصا . نظر عمّار إليه و لم يقل شيئاً . سمع سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) بذلك فتألم و جاء إلى عمّار و قال : ـ إنّ عمّاراً جلدة ما بين عيني و أنفي . مسح سيّدنا محمّد عن وجه عمّار الغبار ، فامتلأ قلب الصحابي الجليل حبّاً للنبي الكريم . الجهاد في سبيل الإسلام مرّت الأيام و الشهور و شاء الله سبحانه أن يثأر للمظلومين من الذين اضطهدوا للمسلمين في مكّة و نهبوا أموالهم و صادروا حقوقهم . وقعت معركة بدر ، و كان عمّار في طليعة المقاتلين ، الذين خرجوا لاعتراض قافلة لقريش قادمة من الشام . جاءت الأخبار المشركين في مكة قد ألفوا جيشاً بقيادة أبي جهل و أنهم يتجهون نحو المدينة . استشار النبي أصحابه ، و استقر الرأي على مواجهة المشركين . بعث سيّدنا محمّد عمار بن ياسر و عبد الله بن مسعود لجمع المعلومات عن عدد أفراد الجيش و عن عدّتهم . قام عمّار بمهمته خير قيام و كان شجاعاً جريئاً فاقترب من قواتهم ليلاً و طاف حول معسكرهم لجمع المعلومات . عاد عمّار و معه صاحبه إلى سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) قال عمّار : ـ إن القوم مذعورون خائفون ، و أن الفَرس يريد أن يصهل فيضربه صاحبه على وجهه ، و السماء تسحّ عليهم بالمطر . كانت المعلومات التي قدّمها عمّار حسّاسة جدّاً ، فقد أشار إلى حالتهم المعنوية المتردّية ، و حالة الخوف المسيطرة عليهم ، كما أشار إلى غزارة الأمطار و طبيعة الأرض و الطين التي ستحّد من قدرتهم على الحركة . و في الصباح عندما استيقظ المشركون وجدوا آثاراً غريبة فجاء مبنه بن الحجاج و كان عالماً بالأثر ، فصاح : و اللات و العزى هذا أثر ابن سمية و ابن اُم عبد أي عبد الله بن مسعود . المعركة في صباح يوم السابع عشر من شهر رمضان سنة 2 هجرية وقعت معركة بدر الكبرى . . أوّل معركة في تاريخ الإسلام ، و نصر الله المؤمنين على المشركين . كان عمّار يقاتل بحماس المسلم الذي يؤمن بالنصر أو الشهادة . و عندما انهزم المشركون ، شاهد عمّار أبا جهل جثة هامدة ، فتذكّر تلك الأيام التي كان فيها أبو جهل يؤذي المسلمين و يعذّب والديه الشهيدين ياسر و سميّة . و ها هي سيوف المظلومين تقتصّ من الظالمين . رفع عمّار عينيه إلى السماء و شكر الله سبحانه على نصره . عمّار مع الحق بلغ عمّار من العمر ستين سنة ، و لكنه كان يفوق الشباب في حماسه من أجل الجهاد في سبيل الله . كان عمّار عميق الإيمان بالله شديد الحبّ لرسول الإنسانية سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) و كان النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) هو الآخر يحبّ صديقه القديم الذي رافقه شبابه و آمن به و نصره و وقف إلى جانبه . كان سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) يشيد بمنزلة عمّار في المناسبات ، فمرّة قال ( صلى الله عليه و آله ) : ـ عمّار مع الحق و الحقّ مع عمّار يدور معه كيفما دار . و فيه قال : ـ طوبى لعمّار تقتله الفئة الباغية . ـ إن عمّاراً قد ملئ إيماناً إلى أخمص قدميه . ـ يا عمّار تقتلك الفئة الباغية و آخر زادك من الدنيا ضياح ( إناء ) من لبن . و تمرّ الأيام و الشهور و الأعوام و عمّار إلى جانب سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) يجاهد في سبيل الله أعداء الإسلام و الإنسانية . وفاة النبي ( صلى الله عليه و آله ) في السنة الحادية عشر من الهجرة توفي سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) فحزن المسلمون جميعاً ، و بكى عمّار رسول الله و صديقة القديم و تذكّر أيام الشباب في مكّة و أيام الجهاد . و ظلّ عمّار ( رضوان الله عليه ) وفيّاً لإسلامه مجاهداً في سبيل الدين ، يقول كلمة الحق و لا يخاف أحداً إلاً الله . كان عمّار يحبّ عليَّ بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) لأنّه طالما سمع سيّدنا محمّداً يقول : ـ يا علي لا يحبّك إلاّ مؤمن و لا يبغضك إلاّ منافق . ـ يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ انه لا نبيّ بعدي . و في عودته من حجّة الوداع رأى عمّار ( رضوان الله عليه ) سيّدنا محمّداً ( صلى الله عليه و آله ) يمسك بيد سيّدنا علي بن أبي طالب و يرفعها عالياً و يقول : ـ من كنتُ مولاه فهذا علي مولاه اللّهم والِ من والاه و عادِ من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله لهذا كان عمّار يعتقد أن عليّ بن أبي طالب هو خليفة سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) . عندما تمّت البيعة لأبي بكر و امتنع بعض الصحابة من المهاجرين و الأنصار عن البيعة ، امتنع عمّار عن البيعة و وقف في جانب عليّ بن أبي طالب و فاطمة الزهراء بنت سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) . و بعد ستة أشهر ، توفيت سيدة نساء العالمين و اضطر الإمام علي للبيعة حفاظاً على مصلحة الإسلام ، و بايع عمّار بن ياسر ( رضوان الله عليه ) اقتداءً بالإمام . الجهاد انصرف عمّار إلى حياة الجهاد فاشترك في معارك الفتح الإسلامي هنا و هناك . كما قاتل ببسالة في حروب الردّة باليمامة . عندما أصبح عمر بن الخطاب خليفةً بعد أبي بكر ، عيّنه والياً على الكوفة فأقام حكم الله و رأى الناس في سيرته العدل و الرحمة و التواضع و الزهد . الشورى في سنة 23 هجرية تعرّض الخليفة عمر بن الخطاب إلى محاولة اغتيال . جاء بعض المسلمين و ذكّروا عمر بأن يفكر في الخلافة من بعده .. رأى الخليفة أن تكون شورى بين ستة أشخاص هم علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) و عثمان بن عفان و طلحة و الزبير و عبد الرحمن بن عوف و سعد ابن أبي وقاص . و أمرهم بالاجتماع في أحد المنازل و انتخاب خليفة من بينهم خلال ثلاثة أيام. كان عمّار بن ياسر ( رضوان الله عليه ) يتمنى أن ينتخبوا عليّاً لجهاده الطويل و قرابته من سيّدنا محمّد و علمه و فضله و سابقته في الإسلام . مضى يوم ثم يومان و ليس هناك من نتيجة . كانت المنافسة بين عليّ بن أبي طالب و عثمان بن عفان . اجتمع حول المنزل بعض الصحابة فيهم المقداد و عمّار بن ياسر و العباس و غيرهم و كانوا يتمنون انتخاب علي ، و اجتمع بنو أمية و كانوا يريدون انتخاب عثمان . هتف عمّار لكي يسمعه عبد الرحمن بن عوف : ـ إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع عليّاً . فقال المقداد مؤيداً : ـ صدق عمّار إن بايعت عليّاً قلنا : سمعنا و أطعنا . كان عبد الرحمن بن عوف يطمع بالخلافة ففكّر لو أنّه بايع عليّاً فانّه لن يساومه عليها فيما بعد . لهذا بايع عبدُ الرحمن عثمانَ حتى يردّها عليه بعد وفاته . و هكذا أصبح عثمان الخليفة الثالث . خرج الإمام علي بعد أن قال لبعد الرحمن : ـ ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا فصبر جميل و الله المستعان على ما تصفون و الله ما ولّيت عثمان إلاّ ليردّ الأمر إليك ، و الله كلّ يوم هو في شأن . شعر عمّار بالحزن من أجل أهل البيت الذين هم أحقّ الناس بالخلافة لأن الله أذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيراً . الانحراف مرّت ستة أعوام على خلافة عثمان . شيئاً فشيئاً كان الخليفة يبتعد فيها عن الإسلام و عن سيرة سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) و سيرة أبي بكر و عمر . كان يعيّن أقرباء ولاةً على المدن ، و كانوا أشخاصاً سيئين ظالمين . فمثلاً عيّن الوليد بن عتبة و هو أخاه من أمّة والياً على الكوفة ، فكان يشرب الخمر و يأتي سكران إلى مسجد و جعل من مروان بن الحكم الحاكم الفعلي للبلاد ، فهو الذي يأمر و ينهى و يعيّن الولاة و يعزلهم ، عزل الصحابي الجليل سلمان الفارسي عن ولاية المدائن و عيّن أحد أقربائه و عزل سعد بن أبي وقاص عن ولاية الكوفة و عيّن الوليد بن عقبة . كان عثمان ينفق أموال المسلمين على أقربائه من بني أمية و يترك الناس الفقراء و المحتاجين يتألمون . كلمة الحق كان في بيت مال المسلمين حلي و جواهر ، فجاء الخليفة عثمان و أخذها و وزّعها على بناته و نسائه . شعر المسلمون بالغضب ، و راحوا يتحدّثون عن سيرة عثمان البعيدة عن روح الإسلام . لم يتراجع عثمان بل صعد المنبر و خطب قائلاً : ـ لنأخذن حاجتنا من هذا الفيء و إن رغمت أنوف أقوام و أقوام . كان الإمام علي بن أبي طالب حاضراً فشعر بالحزن ، و قام عمّار بن ياسر و كان قد بلغ التسعين من عمره فقال كلمة الحق : ـ أشهد الله أن أنفي أوّل راغم من ذلك . اغتاظ الخليفة و صاح : ـ أعليَّ يا بن ياسر تجترئ . أشار عثمان إلى الحرّاس أن يمسكوا بعمّار . لم يحترم الحرّاس شيخوخته و لا صحبته من رسول الله . فجرّوه إلى غرفة عثمان ، شدّوا يديه و رجليه ، و جاء الخليفة و راح يضربه على بطنه ، حتى فقد وعيه ، و جاء بعض المسلمين و حملوه إلى منزل أُم سلمة زوجة سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) . كان عمّار ما يزال فاقد الوعي و فاتته صلاة الظهر و صلاة العصر و صلاة المغرب . و عندما عاد إليه وعيه ، أدّى تلك الصلوات قضاءً . تذكّر أيام التعذيب في مكّة ، كان يتحمّل أضعاف ما قام به عثمان لأنّه كان شابّاً أمّا اليوم فقد أصبح شيخاً كبيراً لا يقوى على تحمّل الضرب . تألّمت أُم سلمة لحاله فقال لها عمّار بشجاعة المؤمن الصابر : ـ ليس هذا بأوّل يومٍ أوذينا في الله . نفي أبي ذر و نفى الخليفة عثمان الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري إلى منطقة الربذة و هي صحراء لا يقطنها أحد لمناخها القاسي . و لم يكتف بهذا بل أصدر أمراً بمنع توديعه ، و لكن بعض الصحابة تألموا لما قام به عثمان و خرجوا لتوديع الصحابي الكبير أبي ذر . خرج علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) و سبطا سيدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) الحسن ( عليه السَّلام ) و الحسين ( عليه السَّلام ) و خرج أيضاً عمّار و ودّع أبا ذر قائلاً : ـ لا آنس الله من أوحشك ، و لا آمن من أخافك . أما و الله لو أردت دنياهم لأمّنوك ، و لو رضيت أعمالهم لأحبّوك . و مضى أبو ذر و معه زوجته و ابنته إلى صحراء الربذة ليموت وحيداً . و تذكّر عمّار حديثاً سمعه من سيدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) : ـ يا أبا ذر تعيش و وحدك و تموت وحدك . الثورة تصاعد غضب المسلمين بسبب سيرة عثمان و ما يقوم ولاتهُ من ظلم . و جاءت الوفود من كلّ مكان للاحتجاج ، جاءوا من الكوفة و من مصر و البصرة و غيرها من المدن . و كان الصحابة في المدينة قد كتبوا إليهم : إن أردتم الجهاد فهلموا ( تعالوا ) إليه ، فان دين محمد ( صلى الله عليه و آله ) قد أفسده خليفتكم . جاء الناس يشكون من الظلم ، و لكن الخليفة لم يصغ إليهم و طردهم فذهبوا إلى علي بن أبي طالب ابن عمّ سيدنا محمد و وصيّه . كان الإمام يتمنى الإصلاح و أن يعود عثمان إلى سيرة الإسلام . فدخل عليه وحدّثه و قال له : لا تكن أداة في يد مروان يسوقك حيث يريد ، و لا تنس منزلتك من رسول الله . وافق عثمان على أن يعلن توبته أمام الناس فخرج إليهم و اعتذر لهم و وعدهم بسيرة يرضاها الله و المسلمون . و لكن مروان كان مثل الأفعى فدخل عليه و غيّر رأيه و قال له : ـ لا تكن ضعيفاً أمام الناس و هددهم . و كانت نائلة زوجة عثمان تعرف أن مروان خبيث يكرهه المسلمون فنصحت زوجها و قالت له : ـ أصغ إلى علي بن أبي طالب فان الناس يحبونه و يطيعونه ، و لا تطع مروان فهو شخص ليس له عند الناس قدر و لا هيبة و لا محبّة . لم يصغ عثمان لنصيحة الناصحين فكانت النتيجة أن ثار المسلمون عليه و لقي مصرعه في قصره . الإمام علي ( عليه السَّلام ) اتجهت جماهير المسلمين الى منزل الإمام علي ( عليه السَّلام ) و دَعَتْهُ إلى تقلّد منصب الخلافة . رفض الإمام ذلك و قال لهم : ـ ابحثوا عن رجلٍ غيري . و لكن الناس كانوا يدركون ان الإمام هو الرجل الوحيد الذي يستحق هذا المقام ، فأصرّوا على موقفهم . و أخيراً وافق الإمام على تحمّل هذه المسؤولية ، حتى يسدّ الطريق على الطامعين بها . تابعوا معى اقرأ أيضا::
المصدر: منتدي صور حب kf`m lilm uk hgwphfd ulhv fk dhsv ulhv |
الكلمات الدليلية (Tags) |
الصحابي, عمار, ياسر |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
| |