#1  
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2021
المشاركات: 18,864
افتراضي عطروا قلوبكم سفير الاسلام.مصعب بن عمير رضي اللـه عنه.سيرة الصحابي مصعب بن عمير رضي اللـه عنه.


عطروا قلوبكم سفير الاسلام.مصعب بن عمير رضي اللـه عنه.سيرة الصحابي مصعب بن عمير رضي اللـه عنه.عطروا قلوبكم سفير الاسلام.مصعب بن عمير رضي اللـه عنه.سيرة الصحابي مصعب بن عمير رضي اللـه عنه.عطروا قلوبكم سفير الاسلام.مصعب بن عمير رضي اللـه عنه.سيرة الصحابي مصعب بن عمير رضي اللـه عنه.









مصعب بن عمير رضي الله عنه
أول سفير للدولة الاسلامية في المدينة المنورة
هو غرة فتيان قريش وأوفاهم جمالا وشبابا وحسبا ونسب، وكان اعطر اهل مكة ، وكما يقولون ولد وفي فمه ملعقة من ذهب.
لقد حظي من الدلال ما لم يحظى به ولدا قبله.
هذا القدر الريّان المدلل المنعم والذي كان حديث الحسان في مكة، ولؤلؤة ندراتها ومجالسه، أيمكن أن يتحول في يوم وليلة الى أسطورة من أساطير الايمان والفداء؟
أجل! وليس على الله بعزيز، انه نور على نور، يهدي الله لنوره من يشاء.
يا الله! ما أروعه من نبأ! مصعب بن عمير أو كما يلقبه المسلمون مصعب الخير يصبح بين ليلة وضحاها من أولئك الذين صاغهم الاسلام ورباهم رسول الاسلام صلى الله عليه وسلم؟
حين لامست يمين النبي صلى الله عليه وسلم الكريمة صدر مصعب المتوهج، وفؤاده المتوثب، اصبحت السكينة العميقة عمق المحيط تدور في فلك مصعب الفتى الذي آمن وأسلم ومعه من الحكمة ما يفوق ضعف سنّه وعمره رضي الله عنه، ومعه من التصميم ما يغيّر سير الزمان.
الخيار الصعب
انّ ما تعرّض له سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مع أمه قد تعرض له مصعب بن عمير رضي الله عنه، وكما وقف سعد رضي الله عنه موقفا صعبا وخيارا أصعب، كذلك مصعب رضي الله عنه يعيش هذه اللحظات، والخيار هو بين طاعة الأم واختيار المنهج الصح، ولا ثالث لهم، وعندما حذا مصعب حذو سعد رضي الله عنهم، واختار الاسلام على امه خناس بنت مالك والتي كانت تتمتع بقوة فذة في شخصيته، وكان رضي الله عنه يهابها الى حد الرهبة، ولم يكن يهاب أحدا على ظهر الأرض سواها.
كان على استعداد أن يجابه قريش بأسيادها وأشرافها الا خصومة أمه، فهذا الهول الذي لا يطاق، لأجل هذا قرر أن يكتم اسلامه حتى يقضي الله أمر، وبقي يتردد على الصفا في دار الأرقم ويجلس مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو قرير العين بايمانه ليتفادى غضب أمه التي لم تعلم بخبر اسلامه بعد.
ان مكة في تلك الأيام لم يكن ليخفى عليها سر، فآذان قريش كلها صاغية على كل الطرق، وعيونها وراء بصمة قدم فوق رمالها الناعمة اللاهبة، وما ان أبصر عثمان بن أبي طلحة رضي الله عنه ذاك الفتى يدخل دار الأرقم حتى سابق ريح الصحراء وزوابعها شاخصا الى أم مصعب يلقي عليها نبأ اسلام ولدها مصعب، ذلك النبأ الذي وقع عليها وقع الصاعقة أفقدها صوابه، ويقف مصعب رضي الله عنه أمام أمه وعشيرته وأشراف مكة مجتمعين يتلو عليهم – آيات من القرآن الكريم - يقين الحق وثباته القرآن الذي يغسل به الرسول صلى الله عليه وسلم قلوبهم ويملؤها حكمة وشرفا وعدلا وتقى.
وهمّت امه لتسكته بلطمة قاسية على وجهه، الا أنّ اليد التي امتدت كالسهم ما لبثت أن استرخت وتنحت أمام النور الذي زاد وجه مصعب رضي الله عنه وسامة وبهاء وجلال، ومضت به الى ركن قصيّ من أركان دارها وحبسته فيه وأحكمت عليه اغلاقه خشية عودته الى مجالس النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، وظل رهين محبسه حتى اذا خرج بعض المؤمنين مهاجرين الى الحبشة غافل أمه وحراسه ومضى مهاجرا أوّابا.
ذات يوم والصحابة وهم جلوس مع النبي صلى الله عليه وسلم، اذ خرج عليهم مصعب رضي الله عنهم ، فغضوا أبصارهم وذرفت عيونهم دمعا طيب، ذلك أنهم رأوه يرتدي جلبابا مرقعا بالي، وعادوا الى صورته الأولى قبل الاسلام حين كانت ثيابه كزهور الحديقة النضرة، ألقا وعطر، وتملى النبي صلى الله عليه وسلم مشهده بنظرات حكيمة شاكرة وتألقت على شفتيه الطاهرتين ابتسامته الجليلة صلى الله عليه وسلم وقال:
لقد رأيت مصعبا هذ، وما بمكة فتى أنعم عند أبويه منه، ثم ترك ذلك كله حبا لله ورسوله.
لقد منعته أمه حين يئست من رده كل ما كانت تفيض عليه من نعمة وأبت عليه أن ياكل طعامها انسان قد هجر الآلهة، وحاقت به لعنتها حتى لو كان هذا الانسان ابنها.
لقد كان آخر عهدها به حين حاولت حبسه مرة أخرى بعد رجوعه من الحبشة، فآلى على نفسه لئن فعلت ليقتلنّ كل من يستعين به على حبسه، ولأنها كانت تعلم صدق عزمه اذا همّ على أمر، فقد ردعته باكية، وودعها باكي، وكشفت لحظة الوداع على اصرار عميق على الكفر من جانب الأم، واصرار أكبر على الايمان من جانب الابن، لقد قالت له وهي تخرجه من بيتها: اذهب لشأنك، لم أعد لك أم، فاقترب منها وقال: يا أمة! اني لك ناصح، وعليك شفوق، فاشهدي بأنه لا اله الا الله محمد رسول الله.
فأجابته غاضبة: قسما بالثوابت، لا أدخل في دينك فيزري برأيي ويضعف عقلي.
وخرج مصعب رضي الله عنه من النعمة الوارفة التي كان يعيش فيها مؤثرا عليها الشظف والفاقة، وأصبح الفتى المتأنق المعطر يرتدي أخشن الثياب، يأكل يوما ويجوع أيام، الا أنّ روحه المتأنقة بنور الله تبارك وتعالى، وبسمو العقيدة قد جعلت منه انسانا آخرا يملأ الأعين جلالا والأنفس روعة.
عند ذلك اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم لأعظم مهمة في التاريخ وهي أن يكون سفيره الى المدينة المنورة، يفقه الأنصار الذين آمنوا وبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الأولى، ويهيء المدينة ليوم الهجرة العظيم.
أول سفراء الاسلام
لقد اختار النبي صلى الله عليه وسلم مصعب الخير وهو يعلم أنه يوكل اليه أخطر قضايا الساعة، ويلقي بين يديه مصير الاسلام كله في المدينة المنورة التي ستكون دار الهجرة، ومنطلق الدعوة الى الله تعالى، والدعاة والمبشرين بعد حين من الزمان.
وحمل مصعب رضي الله عنه الأمانة مستعينا بما أنعم الله عليه من رجاحة العقل، وكريم الخلق، وهاتين الصفتين الحميدتين كانتا جواز السفر الذي يمر من خلاله مجالس المدينة ويدخل به قلوب وأفئدة أهل المدينة الذين دخلوا في دين الله أفواجا.
حين دخل مصعب رضي الله عنه المدينة فقد استضافه أسعد بن زارارة رضي الله عنه، ولم يكن فيها سوى اثني عشر مسلما هم من بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الأولى، ولم يكد يقيم بين أهلها بضعة أشهر حتى بايع النبي صلى الله عليه وسلم في العام التالي سبعين رجلا وامرأتان شقيقتان من اهل المدينة.
لقد واجه مصعب رضي الله عنه من اهل المدينة معارضة شديدة خاصة من أشرافها وسادتها على رأسهم أسيد بن حضير الذي وقف مهتاجا يخاطب مصعب وأسعد بن زرارة رضي الله عنهم والشرر يخرج من عنيه، وبهدوء البحر وقوته، يتهلل ضوء الفجر بوداعته عندما تنفرج عن أسارير مصعب الخير ويتحرك بالحديث الطيب لسانه قائلا له: أولا اجلس واستمع، فان رضيت أمرنا قبلته، وان كرهته كففنا عنك ما تكره.
الله أكبر ما أروعها من بداية يا مصعب الخير!
وبما أنّ أسيد كان رجلا عاقلا وحكيما فقد أذعن لما يطلبه مصعب رضي الله عنهم، ولم يكد يتلو عليه آيات من الذكر الحكيم حتى أخذت أساريره تبرق وتشرق، وما كاد مصعب يفرغ من حديثه حتى هتف به أسيد رضي الله عنه وبمن معه من القوم : ما أحسن هذا القول وما أصدقه، كيف يصنع من يريد أن يدخل في هذا الدين؟
قال رضي الله عنه: يطهر ثوبه وبدنه ويشهد أن لا اله الا الله محمد رسول الله.
فأجابوه بتهليلة رجت الأرض رجا من تحت أرجلهم.
وسرى الخبر في المدينةعن اسلام أسيد وتبعه سعد بن معاذو وسعد بن عبادة زعماء الأوس والخزرج رضي الله عنهم، واقبل أهل المدينة بعضهم على بعض يتساءلون: اذا كان أراف الأوس والخزرج قد تبعوا هذ، ففيم نتخلف نحن؟ وهكذا دخل الناس أغلب أهل المدينة في دين الله أفواجا.
استشهاده رضي الله عنه
لقد نجح أول سفير للدولة الاسلامية في مهمته نجاحا باهر، وتمضي الآيام ويهاجر النبي صلى الله عليه وسلم، وتتملظ قريش بأحقاده، وتعد العدة لتواصل مطاردتها الظالمة لعباد الله الصالحين، وتقوم غزوة بدر الكبرى، وتليها أحد، ويقف النبي صلى الله عليه وسلم وسط صفوف الوجوه المؤمنة ليختار منها من يحمل الراية، ويدعو مصعب اليها فيتقدّم ويحمل اللواء، وتنشب المعركة الرهيبة ويحتدم القتال، ويخالف الرماة أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ويغادر الرماة مواقعهم في أعلى الجبل جريا وراء الغنائم بعدما انسحب المشركون منهزمين، وسرعان ما تحوّل نصر المسلمين الى هزيمة حين التف المشركون على المسمين يباغتونهم من أعلى الجبل، وتعم الفوضى والذعر في صفوف المسلمين، وبدا المشركون يركزون على النبي صلى الله عليه وسلم لينالوا منه، ويدرك مصعب رضي الله عنه الخطر المحدق على النبي صلى الله عليه وسلم، فيرفع اللواء عاليا ويطلق تكبيرة هادرة كهدير الليل العاصف، ومضى يصول ويجول وكل همه أن يبعد أنظار المشركين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهب مصعب رضي الله عنه يقاتل وحده وكأنه جيش قائم بذاته، يد تحمل الراية في تقديس، ويد اخرى تضرب بالسيف في عنفوان، فضربوه على يده اليمنى فقطعت، وهو يردد: وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل، واخذ اللواء بيده اليسرى، وحنا عليه أحدهم فقطعها هي الأخرى، فضم الراية بعضديه الى صدره وهو يردد: وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل، ثم حملوا عليه في الثالثة بالرمح ما أخطؤوه ، ويسقط اللواء منه ليسقط شهيدا على ساحة الشرف، ويهبط وحي السماء جبريل عليه السلام على نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى:
وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا
وبعد انتهاء المعركة المريرة، وجد جثمانه الطاهر راقدا وقد أخفى وجهه في تراب مضمخ بدماءه الطاهرة، وكأنه خشي أن يبصره رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جثة هامدة بلا حراك فيصيبه السوء، أو كأنه خجلان ان سقط شهيدا قبل أن يطمئن على نجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لك الله يا مصعب...يا من ذكرك عطر الحياة.
وجاء النبي صلى الله عليه وسلم يتفقد شهداء المعركة، وعند جثمان مصعب رضي الله عنه سالت دموعه وفية غزيرة ولم يجدوا شيئا يكفنوه فيه الا نمرة، كانوا اذا وضعوها على رأسه تعرّت رجلاه، واذا وضعوها على رجليه بان رأسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجعلوا على رجليه من نبات الأذخر.
وعلى الرغم من استشهاد الحمزة وتمثيل المشركين بجثمانه رضي الله عنه، وعلى الرغم من مقتل عدد لابأس به من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، والذي كل منهم يمثل عالما خاصا لوحده، الا أنه صلى الله عليه وسلم وقف على جثمان مصعب أول سفراء الاسلام يودعه وينعاه بقول الله تعالى: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضلى نحبه ومن من ينتظر وما بدلوا تبديلا
ثم ألقى في أسى نظرته الأخيرة على بردته التي كفن بها وقال عليه الصلاة والسلام: لقد رأيتك بمكة وما بها أرق حلة ولا أحسن لمّة منك ، ثم ها أنت شعث الرأس في بردة.
ثم هتف النبي صلى الله عليه وسلم وقد وسعت نظرته الحانية أرض المعركة، بكل ما عليها من رفاق مصعب رضي الله عنهم أجمعين وقال: انّ رسول الله يشهد أنكم الشهداء عند الله يوم القيامة.
ثم أقبل على أصحابه الأحياء من حوله وقال عليه الصلاة والسلام: أيها الناس زوروهم وأتوهم وسلموا عليهم، فوالذي نفسي بيده لا يسلم عليهم مسلم الى يوم القيامة الا ردوا عليه السلام.
فرضي الله عن مصعب الخير وصلى الله وسلم وبارك على من رباه.


اقرأ أيضا::


u'v,h rg,f;l stdv hghsghl>lwuf fk uldv vqd hggJi uki>sdvm hgwphfd lwuf uki> hghsghllwuf

رد مع اقتباس

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Content Relevant URLs by vBSEO