#1
| |||
| |||
لمحة من المستحاضه وحكم صلاتها وطهرها قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَبِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ نَأْخُذُ ، وَهِيَ عِنْدَنَا مُتَّفِقَةٌ فِيمَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ ، وَفِي بَعْضِهَا زِيَادَةٌ عَلَى بَعْضٍ ، وَمَعْنًى غَيْرُ مَعْنَى صَاحِبِهِ ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ كَانَ دَمُ اسْتِحَاضَتِهَا مُنْفَصِلًا مِنْ دَمِ حَيْضِهَا ؛ لِجَوَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ : فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي الدَّمَ عَنْكِ وَصَلِّي . قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَنَقُولُ إِذَا كَانَ الدَّمُ يَنْفَصِلُ ، فَيَكُونُ فِي أَيَّامٍ أَحْمَرَ قَانِئًا ثَخِينًا مُحْتَدِمًا ، وَأَيَّامًا رَقِيقًا إِلَى الصُّفْرَةِ ، أَوْ رَقِيقًا إِلَى الْقِلَّةِ ، فَأَيَّامُ الدَّمِ الْأَحْمَرِ الْقَانِئِ الْمُحْتَدِمِ الثَّخِينِ أَيَّامُ الْحَيْضِ ، وَأَيَّامُ الدَّمِ الرَّقِيقِ أَيَّامُ الِاسْتِحَاضَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْغُسْلَ عِنْدَ تَوَلِّي الْحَيْضَةِ ، وَذَكَرَ غُسْلَ الدَّمِ ، فَأَخَذْنَا بِإِثْبَاتِ الْغُسْلِ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى سورة البقرة آية 222 ، الْآيَةَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقِيلَ ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ : يَطْهُرْنَ مِنَ الْحَيْضِ ، فَإِذَا تَطَهَّرْنَ بِالْمَاءِ , ثُمَّ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الطَّهَارَةَ بِالْمَاءِ الْغُسْلُ ، وَفِي حَدِيثِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ ، فَأَمَرَهَا فِي الْحَيْضِ أَنْ تَغْتَسِلَ إِذَا رَأَتْ أَنَّهَا طَهُرَتْ ، ثُمَّ أَمَرَهَا فِي حَدِيثِ حَمْنَةَ بِالصَّلَاةِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لِزَوْجِهَا أَنْ يُصِيبَهَا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَمَرَ بِاعْتِزَالِهَا حَائِضًا ، وَأَذِنَ فِي إِتْيَانِهَا طَاهِرًا ، فَلَمَّا حَكَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ حُكْمَ الطَّهَارَةِ فِي أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لِزَوْجِهَا أَنْ يَأْتِيَهَا. قَالَ : وَلَيْسَ عَلَيْهَا إِلَّا الْغُسْلُ الَّذِي حُكْمُهُ الطُّهْرُ مِنَ الْحَيْضِ بِالسُّنَّةِ ، وَعَلَيْهَا الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ قِيَاسًا عَلَى السُّنَّةِ فِي الْوُضُوءِ بِمَا خَرَجَ مِنْ دُبُرٍ , أَوْ فَرْجٍ مِمَّا لَهُ أَثَرٌ , أَوْ لَا أَثَرَ لَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَجَوَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي سَأَلَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ كَانَتْ لَا يَنْفَصِلُ دَمُهَا ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا وَقْتَ لِلْحَيْضَةِ ، إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَرَى حَيْضًا مُسْتَقِيمًا وَطُهْرًا مُسْتَقِيمًا ، وَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ حَائِضًا يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ حَيْضٌ ، وَكَذَلِكَ إِنْ جَاوَزَتْ عَشَرَةً فَهُوَ حَيْضٌ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ ، وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَذَا وَكَذَا ؛ أَيْ تُجَاوِزَ كَذَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا ابْتَدَأَتِ الْمَرْأَةُ وَلَمْ تَحِضْ حَتَّى حَاضَتْ فَطَبَقَ الدَّمُ عَلَيْهَا ، فَإِنْ كَانَ دَمُهَا يَنْفَصِلُ فَأَيَّامُ حَيْضِهَا أَيَّامُ الدَّمِ الثَّخِينِ الْأَحْمَرِ الْقَانِئِ الْمُحْتَدِمِ ، وَأَيَّامُ اسْتِحَاضَتِهَا أَيَّامُ الدَّمِ الرَّقِيقِ ، فَإِنْ كَانَ لَا يَنْفَصِلُ فَفِيهَا قَوْلَانِ ؛ أَحَدُهُمَا : أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ سِتًّا أَوْ سَبْعًا , ثُمَّ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ كَمَا يَكُونُ الْأَغْلَبُ مِنْ حَيْضِ النِّسَاءِ. قَالَ : وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى جُمْلَةِ حَدِيثِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ ، وَقَالَ : لَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ عَدَدَ حَيْضِهَا ، فَأُمِرَتْ أَنْ يَكُونَ حَيْضُهَا سِتًّا أَوْ سَبْعًا ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَقَلَّ مَا عُلِمَ مِنْ حَيْضِهِنَّ ، وَذَلِكَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ , ثُمَّ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ ، وَلِزَوْجِهَا أَنْ يَأْتِيَهَا ، وَلَوِ احْتَاطَ فَتَرَكَهَا وَسَطًا مِنْ حَيْضِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْثَرَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ ، وَمَنْ قَالَ بِهَذَا قَالَ : إِنَّ حَمْنَةَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَدِيثِهَا مَا نَصَّ أَنَّ حَيْضَهَا كَانَ سِتًّا أَوْ سَبْعًا ، فَقَدْ يَحْتَمِلُ حَدِيثُهَا مَا احْتَمَلَ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ ، مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ دَلَالَةٌ أَنَّ حَيْضَهَا كَانَ سِتًّا أَوْ سَبْعًا ؛ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَتَحَيَّضِي سِتًّا أَوْ سَبْعًا ، ثُمَّ اغْتَسِلِي ، فَإِذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ فَصَلِّي . فَيَحْتَمِلُ إِذَا رَأَتْ أَنَّهَا قَدْ طَهُرَتْ بِالْمَاءِ ، وَاسْتَنْقَتْ مِنَ الدَّمِ الْأَحْمَرِ الْقَانِئِ ، قَالَ : وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ طَهُرَتْ وَاسْتَنْقَتْ بِالْمَاءِ. قَالَ : فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ حَمْنَةَ كَانَتْ عِنْدَ طَلْحَةَ وَوَلَدَتْ لَهُ ، وَأَنَّهَا حَكَتْ حِينَ اسْتَنْقَتْ ذَكَرَتْ أَنَّهَا تَثُجُّ الدَّمَ ثَجًّا ، وَكَانَ الْعِلْمُ يُحِيطُ أَنَّ طَلْحَةَ لَا يَقْرَبُهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ ، وَلَا تَطِيبُ هِيَ نَفْسُهَا بِالدُّنُوِّ مِنْهُ ، وَكَانَ مَسْأَلَتُهَا بَعْدَ مَا كَانَتْ زَيْنَبُ عِنْدَهُ دَلِيلًا مُحْتَمَلًا عَلَى أَنَّهُ أَوَّلُ مَا ابْتُلِيَتْ بِالِاسْتِحَاضَةِ ، وَذَلِكَ بَعْدَ بُلُوغِهَا بِزَمَانٍ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ حَيْضَهَا كَانَ يَكُونُ سِتًّا أَوْ سَبْعًا ، فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَشَكَتْ أَنَّهُ كَانَ سِتًّا أَوْ سَبْعًا ، فَأَمَرَهَا إِنْ كَانَ سِتًّا أَنْ تَتْرُكَهُ سِتًّا ، وَإِنْ كَانَ سَبْعًا أَنْ تَتْرُكَهُ سَبْعًا ، وَذَكَرَتِ الْحَدِيثَ ، فَشَكَتْ وَسَأَلَتْهُ عَنْ سِتٍّ ، فَقَالَ لَهَا : سِتٌّ أَوْ عَنْ سَبْعٍ ، فَقَالَ لَهَا : سَبْعٌ وَقَالَ : كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ إِنَّ النِّسَاءَ يَحِضْنَ كَمَا تَحِيضِينَ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَوْلُ رَسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَحَيَّضِي سِتًّا أَوْ سَبْعًا فِي عِلْمِ اللَّهِ يَحْتَمِلُ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ سِتٌّ , أَوْ سَبْعٌ تَحِيضِينَ ، قَالَ : وَهَذَا أَشْبَهُ مَعَانِيهِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَالَ : وَفِي حَدِيثِ حَمْنَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ لَهَا : إِنْ قَوِيتِ فَاجْمَعِي بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِغُسْلٍ ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِغُسْلٍ ، وَصَلِّي الصُّبْحَ بِغُسْلٍ . وَأَعْلَمَهَا أَنَّهُ أَحَبُّ الْأَمْرَيْنِ إِلَيْهِ لَهَا ، وَأَنَّهُ يَجْزِيهَا الْأَمْرُ الْأَوَّلُ مِنْ أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ الطُّهْرِ مِنَ الْمَحِيضِ , ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْهَا بِغُسْلٍ بَعْدَهُ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَهَلْ رَوَى هَذَا أَحَدٌ أَنَّهُ أَمَرَ الْمُسْتَحَاضَةَ بِالْغُسْلِ سِوَى الْغُسْلِ الَّذِي تَخْرُجُ بِهِ مِنْ حُكْمِ الْحَيْضِ ، فَحَدِيثُ حَمْنَةَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ اخْتِيَارٌ وَأَنَّ غَيْرَهُ يَجْزِي مِنْهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِنْ رُوِيَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ حَدِيثٌ مُسْتَغْلِقٌ ، فَفِي إِيضَاحِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ دَلِيلٌ عَلَى مَعْنَاهُ ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَهَلْ يُرْوَى فِي الْمُسْتَحَاضَةِ شَيْءٌ غَيْرُ مَا ذَكَرْتَ ، قِيلَ لَهُ : نَعَمْ اقرأ أيضا::
المصدر: منتدي صور حب glpm lk hglsjphqi ,p;l wghjih ,'ivih ,p;l wghjih |
الكلمات الدليلية (Tags) |
المستحاضه, وحكم, صلاتها, وطهرها |
| |